آخر الاخبار

الرئيسيةكتابات ميمونة عبدالله السماوي120 يوما في الظلام

ميمونة عبدالله السماوي
ميمونة عبدالله السماوي
عدد المشاهدات : 6,494   
120 يوما في الظلام



لم أكن احسب يوما أن تغيب كل هذا الوقت عن المنزل ، (120 يوما ) ما يقارب الأربعة أشهر هي أطول مدة تغيب فيها عنا ، لو أنك غبت بإرادتك لكانت وطأة هذا الغياب أخف ، لكن الظلم والتعسف و الهمجية هي من أخفتك عنا وحرمتنا لذة النوم وراحة البال ، أدخلت الحزن بيتنا وأوجعت قلوبنا ثم علقتنا على خيط رفيع من الشك والحيرة وتركتنا لرياح الخريف الكئيبة تتقاذفنا .
أسئلة كثيرة لم نجد لها جواب ، خيم الخوف على قلوبنا ونسج القلق بيته فيها ، صارت معلومه واحده هي دوائنا المسكن لحالة الفوضى بداخلنا ، ماذا تأكل ؟ كيف تنام ؟ هل تشعر بالبرد ؟ هل تمرض ؟ هل تنام جيدا ؟ كيف تعامل ؟ مع من تمكث في الزنزانه ؟ كم عددكم ؟ هل تنتابك نوبات الربو ؟ هل تشعر بالضيق ؟ بالملل؟ هل تتم مضايقتك ؟
...
أتشتاق لنا ............

أبي ...
تشتاقك قلوبنا ، وألسنتنا لمناداتك ، وعيوننا لملأها بك ، تشتاق أكف حمودي للتشبث بك ، رأس الحسن لتربت عليه ، وفؤاد عمر لينصت لك ، تشتاق سميه لتشجيعك ، وزينب لشحذ همتها ، ورقيه لمساندتها في القرار ، أما أنا و نسيبه فقد سرقنا الزواج وأبعدنا عن دلالك الدائم هكذا هي الحياة وسنتها ، لكننا نشتاق لزياراتك المشبعة بجرعات من حنانك و مفاجآتك اللطيفة ، حتى لولو و حمودي اشتاقا لحلو حديثك وملاعبتك لهما ، عطشه لتفاصيل وجهك الباسم وسماع كلمة (بطله) تشجيعا منك كلما تسلل إلي الإحباط لم أكبر بعد أبي لازلت تلك الصغيرة التي لم تشبع بعد من عطاء الأبوة .
أما أمي فهي قلب آخر يعاني فرقة حب عمره 28 عاما لا أستطيع أن أختزله بأبجدية 28 حرفا ،(لا أجرؤ) ، لكنها في غيابك أحسنت احتواء الأزمة بصمود وثبات مذهل ، فحملت على كتفها أعباء الغياب وتحملت حرقة وألم صدرها .

لازلت أتذكر تلك الجمعة الأخيرة في منزلنا تلك التي سبقت اختطافك و العاصفة التي قلبت منزلنا رأسا على عقب ، كانت سفرة الغداء لذاك اليوم وككل جمعه هي الركيزة الأساسية لزيارتي لكم ، المميزة بطعام أمي الشهي الذي لا أستطيع حتى اليوم إتقان وصفاتها ،جلسة حميمية تحفنا وأحاديث تدور بيننا ، وحديثك أنت ..، تناولت فيها العديد من المواضيع أنت وزوجي ،أنا وأمي منصتتان كل منا تتأمل زوجها وتلاحظه وهو يباري بالكلام والمعلومات حول الأحداث المستجدة على الساحة السياسية والحربية غير أني أزيد على أمي أني كنت ألاحظك ! زوجي وأبي كل منهما مكانه كبيرة في قلبي
كنت أراقب زوجي في حديثه بعين المحبة والوئام وأراقبك بعين الفخر والإعجاب ! لطالما أبهرتني آرائك التي تتبناها الميالة دوما لإزالة الفروق الثانوية بين البشر وإرساء المبادئ الأساسية كالصواب والخطأ في تقييمك للذات البشرية والحكم عليها ، إنسانيتك وتسامحك أهم خصلتين أفتقدهما بي وكم أتمنى أن أكون مثلك ،أن أرى الناس دون تصنيفات لا جدوى منها ،لازلت أتعلم أبي كيف أجرد كافة التفاصيل الفارغة في تعاملي مع الإنسان ، وكيف أخاطب الآخر من موقعه ، وكيف أبصر النور الخابي بين ثنايا باليه لا يلتفت إليها أحد ، لازلت أتعلم كيف أصنع من علمي وخلقي وتديني مشروع حياة ، مشروع إنسان ، لازلت أكتنز الكثير مما تعلمته منك في جدول أعمالي وخطط يومي وحياتي , لازلت مشروعا صغيرا أؤسسه بداخلي لم يكبر بعد يحتاجك بجانبه ،أحتاجك كثيرا أبي ..

ثقوا أيها الأحرار انا لن نسكت عن الحق حتى لا تموت أحلامنا تحت أقدام العابثين ، فلتسحق كرامتنا إن رضينا بالذل لوطننا ، فلتمُت أيها الجبان خلف أقنعة النفاق ، فوجه الحقيقة لا يغيب طويلا ،سيعود ليجرف كل خائن في ظلمات أفعاله ويعيد الأمور إلى مسارها الصحيح ، وسيعود إلينا أحبتنا رغم الألم لإكمال مشوار حلمنا المنشود بوطن يتسع للجميع دون الخونه