آخر المسامير في نعش التعليم
فكرية شحرة
فكرية شحرة

في الآونة الأخيرة بحت الأصوات التي تحذر من تغيير جماعة الحوثي للمناهج الدراسية وصار الجميع فجأة يستغيث من هذه الكارثة التي ستملأ عقول النشء بالخرافات والأباطيل المكذوبة .

وكأن أمر المناهج التعليمية كان بخير إلى ما قبل انتفاشة الحوثية !!

الحقيقة أن تاريخ التعليم في بلادنا بأكمله يدعو للرثاء والأسى بسبب عهد الإمامة الطويل في اليمن وتأثر صياغة المناهج اليمنية بسياسة دول الخليج .

تأخر اليمن عن ركب العلم طويلا بسبب الإمامة وحرصها على تجهيل هذا الشعب منذ القدم .

ويكفي أنه في حكم المملكة المتوكلية أخر دولهم لم يكن هناك سوى مدرستان هما المدرسة العلمية أو كلية دار العلوم والتي أنشأت في 1925م واقتصرت على ذوي المراكز الاجتماعية العليا وفي نفس العام أنشأ الإمام أيضا مدرسة أو دار الأيتام بصنعاء وتماثل في مستواها المدارس الابتدائية حالياً.

وما عداها طوال سنوات حكمهم لا يعد تعليما بمعنى التعليم .

بعد ثورة السادس والعشرين من سبتمبر خاض اليمنيون بأبنائهم معركة التعليم الصعب الذي فاتهم كثيرا ..

وظلت مشاكل التعليم تكبر كلما أقبل عليه الطالب اليمني عاما بعد آخر .

فلا مدارس تكفي ولا مناهج حديثة ولا تأهيل للمدرسين بشكل يليق بالعملية التعليمية أسوة بكل الدول .

وأخيرا بلغ طريقا مسدودا تحت حكم المليشيا التي تدأب لممارسة عادتها المزمنة في تجهيل الشعب بأساليب شيطانية مبتكرة فاقت خبرة أجدادهم .

فمن حرمان المعلم من حقوقه مرورا بدورات تحويله إلى أداة جهل وتجييش الطلاب نحو الجبهات وانتهاء بقرار تغيير المناهج بما يخدم فكرهم الطائفي العنصري .

قبل كل هذا فإن مناهج التعليم في اليمن غفلت الكثير الذي تسبب في شقاء الحاضر .

المناهج الدراسية هي محور اهتمام العالم لما لها من دور هو الأهم في تشكيل فكر وعقلية الأجيال التي ستبني الأوطان وتحميها ويكون منها القادة السياسيون والمجتمعيون .

لكن مناهج اليمن كانت في درجة متدنية من كل شيء ..

لم يواكب التعليم تقدم المعارف ولم يسعى القائمون على العملية التعليمية بتطويره فالعملية التعليمية لم تعد تربوية فقط بل توجها علميا تستلزمه الحياة المعاصرة بكل ما فيها من تقدم وتطور معرفي .

كما أنهم لم يتخلصوا من كل الأخطاء الواردة فيها سواء معرفية أو في أسلوب التلقين أو الحشو العقيم الذي تحتويه المناهج .

كما أن المنهج خلى تقريبا من غرس ذلك الولاء والحب والفخر بالوطن واليمن كقومية متميزة لها حضارة عظيمة .

حدث وأن التفتت الدولة مؤخرا إلى هذه الكارثة وجرت محاولات طفيفة وحثيثة لتعديلها ومناقشة مشاكل التعليم المتشعبة وذلك في فترة ما قبل اجتياح الحوثية .

إنما يبدو أنها كانت التفاتة ما قبل ازهاق روح التعليم .

لأن أي قصور في المناهج يمكن تجاوزه بالاهتمام والإمكانات بخلاف كارثية مناهج الحوثية التي ستقضي على كل المحاولات لخلق جيل واعي يتسلح بالعلم والحب والسلام ونبذ العنصرية والتطرف .

فما عرف من منهجهم لا يدعو سوى لتأليه السلالة الهاشمية وخلق رموز من خرافاتهم كما أنها تغرس فكر القتل والحرب والدمار في عقول النشء .

فيها كل تلك المضامين التي تمجد الخرافة والموت وتحيل الأوطان إلى مقابر يعمها الجهل والتخلف .

ومما يوسف له أن لا اهتمام بالعملية التعليمية من أو مناهجها من قبل الشرعية يقابل اهتمام الحوثية لتحريفها .

 

في الثلاثاء 15 أكتوبر-تشرين الأول 2019 05:03:12 م

تجد هذا المقال في سهيل نت
https://suhail.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://suhail.net/articles.php?id=514