آخر الاخبار

الرئيسية   محليات

وكالة دولية تكشف اللحظات الأخيرة من حياة "صالح" قبل مقتله في صنعاء

الأربعاء 06 ديسمبر-كانون الأول 2017 الساعة 07 مساءً / سهيل نت - متابعات

 

خمدت المعارك في محيط المنزل، وتوقفت الرشاشات والمدافع عن إطلاق النيران، وحوله كان العشرات من المسلحين يبددون زمهرير شتاء صنعاء البارد بأنفاسهم الحارة والمتلاحقة، وكان

ربما كانت تلك الكلمة الأخيرة، التي سمعها الرجل السبعيني، ومعها دارت في مخيلته 75 عاماً من تفاصيل الحياة العسكرية والسياسية، منها 33 عاماً كان فيها الرجل الأشهر في البلاد، الواقع في الجنوب الغربي من الجزيرة العربية.

وقال قيادي في حزب المؤتمر "أن الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، قتل مساء الأحد بعد أن أجرى أحد قادتهم اتصالاً هاتفياً، وجاء الأمر إليه "اعد موه"، لم يُعلن عن مقتله إلا ظهر اليوم التالي"

ونقلت وكالة "الأناضول" عن القيادي، الذي فضل عدم ذكر اسمه "أن صالح قرر القتال مع المئات من القوات الموالية له، في منزله "الثنية" بحي الكميم في الحي السياسي، جنوبي العاصمة صنعاء، في الوقت الذي كان المسلحون الحوثيون يتقدمون بدباباتهم وعرباتهم المدرعة نحو المنزل".

وفي المربع السكني، الذي لا تتجاوز مساحته 3 كيلومترات، بدا الرجل ببندقيته وهو الذي فارق الزي العسكري قبل 39 عاماً، عند جلوسه على كرسي الحكم، باعتباره الرئيس الخامس للجمهورية العربية اليمنية، أحد المقاتلين الميدانيين المخضرمين.

كانت المدفعية الثقيلة والدبابات تضرب بعنف أسوار المنزل والمنازل المحيطة به، وكان العشرات من حراسة صالح الشخصية الذين يقاتلون بالرشاشات يسقطون قتلى، واحداً تلو الآخر، حسبما يفيد المصدر.

ومع مرور الساعات كان الحوثيون يضيقون الخناق على المنزل أكثر فأكثر، بإسناد كثيف من الدبابات وصواريخ الكتف، في الوقت الذي كان العشرات من حول صالح، يستميتون في الدفاع عن معقلهم الأخير.

كان المنزل المشهور بـ"بيت الثنية"، الذي بناه صالح، عقب توليه الرئاسة في العام 1978، يقي العشرات من المقاتلين الضربات المدفعية، لكن مع اشتداد القصف أيقنت حراسة صالح أن المنزل لن يصمد كثيراً، وفق المصدر.

وقبل أن يعتلي سدة الحكم، كان صالح يسكن في منزله السابق في حي الدجاج قرب مصنع الغزل والنسيج، شمالي المدينة، لكن منزل "الثنية" الذي قصفته مقاتلات التحالف العربي، في 9 مايو/أيار 2015، وأصبح متداعياً، كان يتعرض للعشرات من القذائف في الدقيقة الواحدة.

وبحسب القيادي في الحزب "فإن الحوثيين كانوا يُحكمون الحصار على آخر المنازل المحيطة بمنزل صالح، وفرضوا عدة أطواق أمنية، بينما كانت الدبابات ترسل قذائفها باتجاه القلعة الأخيرة لصالح"

وقال "بموازاة ذلك كان المئات من المسلحين الحوثيين يقودهم عدد من القيادات الميدانية، يُعتقد أن القيادي البارز أبو علي الحاكم كان أحد قادة الهجوم".

ورغم شراسة الهجوم، كان حراس صالح يشكلون حائط صد منيع، إثر ذلك سقط العشرات من الحوثيين قتلى، لكن نقطة التحول في سير المعارك كانت مقتل قائد المقاومة في المنزل، العميد طارق صالح، نجل شقيق صالح.

في جامع المنزل، اصطف صالح مع الأمين العام لحزبه (الجناج الموالي له بحزب المؤتمر الشعبي) عارف الزوكا وآخرين للصلاة على جنازة طارق، والأخير كان مضرج بدمائه، طبقاً للمصدر.

بعد أقل من نصف ساعة، أُصيب شقيق طارق، العقيد محمد صالح، بشظية قذيفة، إلى جانب العقيد أحمد صالح الرحبي الحارس الشخصي لصالح.

بدأ خط المقاومة في الانهيار، مع مقتل قائد المقاومة طارق ونائبه محمد، ومعها تجاوز المسلحون الحوثيون أسوار المنزل، وسط مقاومة شرسة من صالح الذي كان ما يزال يرتدي بزته المدنية، بالإضافة إلى حراسه المعدودين.

استمرت المعارك إلى فصلها الأخير، واقتحم المسلحون الحوثيون المنزل الذي كان يصطف أمامه العشرات من الحراس قرابة 4 عقود، وللمرة الأولى كان المسلحون بسحنتهم القبلية يقفون أمام المشير الذي كان جريحاً، وتنزف منه الدماء بإحدى ردهات المنزل، وفق حديث المصدر.

وأضاف "بدأ المسلحون الحوثيون في توجيه إهانة لفظية لصالح، واعتدوا عليه بالضرب، فيما كان هو خائر القوى أمامهم، ولذلك أظهرت الصور التي أوردها الحوثيون، آثار تعذيب وكدمات على وجهه، وخاصة جمجمته".

وتابع "كتفوا يديه ورجليه إلى الخلف والدماء تنزف منه، وبدأ القائد الذي اقتحم المنزل بإجراء اتصال مع زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، وبعد حديث مقتضب بين الاثنين، وجه الحوثي القائد الميداني بإعدام صالح".

وأضاف "وجه أحد المسلحين السلاح إلى رأسه، وأطلق عليه النار".

وبحسب المصدر فإن "الحوثيين أجّلوا إعلان مقتل صالح إلى اليوم الثاني، بعد أن نفذوا مسرحية هروبه إلى مديرية سنحان ومقتله هناك، لكي يظهر لأنصاره بأنه كان يريد التوجه إلى مأرب، والالتحاق بالقوات الحكومية".

وكان الحوثيون قد نشروا معلومات بأن صالح قُتل مع عارف الزوكا وحراسه الشخصيين، وهو يحاول مغادرة صنعاء، باتجاه مديرية سنحان مسقط رأسه، في منطقة الجحشي (48 كم جنوب صنعاء).

كما روّجوا لاتصال هاتفي بين شخصين من القرية، أحدهما يؤكد أن "الحوثيين اعترضوا موكبه، وأطلقوا عليه النيران هناك". ومن بين الشهود على اللحظات الأخيرة لصالح، كان الزوكا، الذي أُصيب هو الآخر خلال عملية اقتحام المنزل، وجرى نقله من قِبل الحوثيين إلى مستشفى 48، جنوب العاصمة صنعاء.

ووفق المصدر "هناك في المستشفى، صفّى الحوثيون الزوكا كونه كان شاهداً على تفاصيل كل ما حصل".

وأضاف بأن الحوثيين نقلوا أيضاً العقيد محمد صالح والعقيد الرحبي إلى المستشفى الألماني، شمالي صنعاء، وبعد تقديم الإسعافات اللازمة لهما، تم أخذهما من قبل الحوثيين إلى منطقة مجهولة.

ورجح المصدر وفاة الرحبي كون إصابته كانت خطيرة.

وحول أبناء صالح الذين كانوا معه، قال المصدر "كان هناك اثنين من أبناء صالح معه في ساعاته الأخيرة، هم ريدان النجل الأصغر، وجرى خطفه من قِبل الحوثيين، فيما يزال مصير صلاح مجهولاً حتى اللحظة".

وأضاف "وزير الداخلية بالحكومة التي كانت مشكلة بين الحوثيين وصالح، اللواء محمد القوسي، أيضاً ما يزال مصيره مجهولاً، فيما العشرات من الجثث كانت تملأ المكان".

وطبقاً لرواية المصدر فإن من تبقى من حراسة صالح الذين كانوا على قيد الحياة في الهجوم، جرى تصفيتهم بالكامل من قِبل المسلحين الحوثيين، في المنزل الذي كان شاهداً على نهاية حقبة زمنية من تاريخ اليمن الحديث.

ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من الجانب الحوثي بشأن ما أوردته المصدر.

وحتى اللحظة ما تزال جثة صالح مع الحوثيين، ووفق مصدر آخر في حزب المؤتمر، فإن الحوثيين اشترطوا عدم تشريح الجثة مقابل تسليمها، كما اشترطوا أيضًا عدم الإعلان عن موعد دفن صالح، وألا تكون جنازته شعبية، بحيث تقتصر فقط على أقاربه.

وقال المصدر "للأناضول"، إن الحوثيين اشترطوا أيضًا عدم دفنه في حديقة جامع الصالح بصنعاء، خلافاً لوصية سابقة له.