آخر الاخبار

الرئيسية   حريات وحقوق

صلاح القاعدي.. والده مصاب بالشلل وأمه تكاد تفقد نظرها وزوجته وولده يعيشان الأمرين

الأربعاء 03 مايو 2017 الساعة 04 مساءً / سهيل نت - متابعات
 

في منتصف ابريل الماضي، سمحت المليشيات للحاج محمد بزيارة ولده في سجن الأمن السياسي بأمانة العاصمة بعد نحو عامين من اختطافه، سمحت له المليشيات بما تسميه "زيارة خاصة" تسمح له أن يسلم عليه ويحتضنه، فهذه الزيارة أكبر ما يطمح إليها الأهالي للقاء أبنائهم بعد وعود ومعاملات طويلة ومملة.

وصل الحاج محمد، (في العقد الثامن من عمره) إلى صنعاء، قادما من محافظة حجة، التي تبعد عن صنعاء بـ127 كيلوا متر إلى الشمال، يعاني من شلل جراء حادثة تعر لها قبل ٣ عقود، تحمل عناء السفر والمرض في سبيل أن يحظى برؤية ولده عن قرب وتقبيله وسماع صوته.

في لقاء حميمي، حضن الحاج محمد القاعدي، ولده صلاح، الصحفي الشاب، مشهد مؤلم، وموقف أثار الحزن والدموع، يتحسس الحاج محمد ظهر ولده صلاح عله يخفف عنه ما أوجعه من سياط الجلاد وخبثه وحقده.

لربما أن الحاج محمد تفاجأ عندما تحسس ظهر ولده ولامس بيده ما أخفاه صلاح، لامس الوجع وبانت الحقيقة، كان يذرف الدمع مشفقا على ولده مما حل به من التنكيل، كان يبكي ويقول لـصلاح "تكذب علي أن ما فيك شيء"، كان صلاح يبكي بحرقة وهما متحاضنان يقبل كل منهما الآخر بشغف "...هكذا قالت لنا " أم أوس، زوجة صلاح التي كانت حاضرة الموقف.. تضيف أم أوس "لقد كان موقفا مؤلما".

لم تنحصر معاناة الصحفيين المختطفين ومنهم الصحفي صلاح القاعدي ورفاقه في أنهم يقبعون في السجن منذ نحو عامين تعرضوا لتعذيب وحشي فحسب، بل وصل المعاناة إلى أهاليهم مما يلاقونه من تعنت ووحشية في تعامل المليشيات ووعود كاذبة، إضافة إلى معاناة أخرى تتمثل بمنع الوجبات الغذائية التي تأتي من أهاليهم، والأدوية، يمنعون من الذهاب إلى دورات المياه إلا بأوقات محددة، يمرضون وترفض المليشيات أن تحضر لهم أطباء، أو تنقلهم إلى المستشفيات، يمنع عنهم زيارة أهاليهم وإن سمح لهم فهي نادرا ومن وراء شبك متلاصق وقضبان سِـماك، يفصل بين السجين والزائر مسافة طويلة، لا يكاد أحدهما يسمع الآخر من شدة التزاحم كونها زيارة جماعية، فترفع الأصوات أثناء الحديث.

أم صلاح (مسنة) لا زالت على قيد الحياة، لكنها لا تستطيع زيارة ولدها المختطف، ليس لأن المليشيات ستمنعها من ذلك، بل إنها تكاد تفقد نظرها من فرط بكائها وحزنها على ولدها المختطف.

تتألم زوجة صلاح، التي لم يمر على زواجهما نحو ثلاثة أعوام ونصف، على ما حل بزوجها، تتحدث بمرارة، مواقف عدة حدثت لها أثناء زيارة زوجها في سجن الأمن السياسي.

في إحدى الزيارات، كانت برفقة طفلها الوحيد، أوس (3 أعوام)، يحمل بيده قطعة من الشوكلاته، عندما رأى أباه من خلف الشباك كان ينادي "بابا، بابا" ويلوح بيده، يريد منه يفتح له الشوكلاته، تقول أم أوس "كان صلاح يبكي، دموعه تتساقط بغزارة وهو يشاهد ابنه ويسمعه يناديه وهو عاجز عن تنفيذ طلبه، لقد مرت فترة طويلة لم يسمع صلاح صوت طفله البريء، تقول أم أوس "لم أنس نظرات صلاح ودموعه"، كانت تتحدث وعيناها تموج دمعا وألما.

تصمت أم أوس برهة، ثم تعود للحديث بمرارة.. تقول "بعد كل زيارة وعندما نصل حوش السجن عائدين، يبكي "أوس" يرجع إلى شباك الزنازنة يريد يشوف صلاح ينادي ببراءة "بابا بابا". تتحول الزيارة عند أم "أوس" إلى مأساة، بكاء ونحيب لحال لزوجها وولدها، يزيد من وجعها وألمها تصرف طفلها الذي يريد العودة والجلوس مع والده في زنزانته.

تضيف "أحيانا يأخذوه العسكر يدخلوه إلي الشبك لكي يشوف أبوه..وأحيانا يقولوا له "ارجع..يالله.. ارجع"، يعود وصوته صاخب بالبكاء، لا يدري ما الذي يحدث".

موقف آخر يدلل على تعنت المليشيات ومنعها السجين حتى من دخول طفل في عمر ثلاث سنوات إلى زنزانة والده ليحضنه، تقول أم أوس "قبل شهرين حصل والد الصحفي المختطف حسن عناب، على فرصة "زيارة خاصة" لولده ، نوع من الزيارات تطلقه المليشيات على من يسمح بدخول أهل السجين إلى الزنزانة، لكنهم لم يسمحوا لـ "أوس" بالدخول مع أولاد حسن، كان أوس يبكي يريد يدخل عند أبوه، لم يسمح له العسكري، كنت أحاول أن أهدأه من البكاء، كان صلاح يترجى العسكري أن يسمح بدخول أوس، لكنه رفض، كان أوس يبكي ويصيح كان يضرب الشباك يفتح عشان يدخل".

تقول "مكث يبكي طول الزيارة، والله وصلت البيت وعاده يبكي"، مرض أوس بعد ذلك الموقف، كما قالت أمه، وأما صلاح "لم أنس دموعه حينها من قهره على أوس" هكذا قالت أم أوس وهي تذرف دموعها على زوجها المختطف والمغيب وراء القضبان، وطفلها الذي يبكي رغم طفولته شوقا لحضن والده الذي فقده منذ نحو عامين.

تكمل أم أوس في ختام حديثها وهي تتمتم بقهر وتكرر "حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم"..نسأل الله أن يعجل بالفرج".