آخر الاخبار

الرئيسيةكتابات خالد الشودريزكريا.. وجع عدن

خالد الشودري
خالد الشودري
عدد المشاهدات : 712   
زكريا.. وجع عدن

فجر الثامن والعشرين من يناير 2018، اختطف مسلحون يتبعون إدارة أمن عدن الشخصية التربوية والاجتماعية زكريا قاسم، من أمام منزله في مديرية المعلا في مشهد بات هو السمة الأبرز لمدينة عدن بعد التحرير.

أبلغت الأسرة حينها من قبل إدارة أمن عدن أنه إجراء روتيني وسيتم الإفراج عنه بعد انتهاء التحقيق معه، وهو ما ألجأها إلى عدم التعاطي إعلاميا، حتى يتم الإفساح للجهود الشخصية والعلاقات للإفراج عن زكريا وهو ما لم يحدث.

وعلى مدى 6 سنوات ظل مصير زكريا، رهينة للتكهنات والتفسيرات المختلفة دون أي رد رسمي يتم التعامل به في أي قضية من هذا النوع، وتعنت بالغ في إذلال أسرته الكريمة المفجوعة بخطف ولدها بعد عدة وقفات احتجاجية لم تلق السلطات المعنية أي بال.

زكريا من أسرة عدنية تربوية مدنية مسالمة لا تعرف غلق الطرقات الرئيسية ولا إضرام النار في الإطارات ولا تجيد غيرها من فنون البلطجة السائدة لإخراج ابنها والكشف عن مصيره، لكنها تمتلك ما هو أقوى من ذلك وهو الحق في حرية ولدها والكشف عن مصيره حقا أصيلا كفلته كل الشرائع السماوية والأرضية.

هل أضحى أبناء هذه المدينة ضحايا للتعسف والإذلال والإمعان في ظلم روادها الأماجد دون حسيب أو رقيب من أحد، هل كتب على هذه المدينة الباسلة أن يعتقل أبناءها المخلصين، بينما يسيح القتلة ليل نهار ويمارسون أعمالهم القذرة بكل أريحية وأمان، هل صرنا نحن معشر أهالي هذه المدينة نتقبل الذل والإهانة على أبنائنا ونمارس الصمت المريع المهين ونتوارى خلف ستار الخوف والجبن والحسابات السياسية القذرة، حتى اختفت بسببها كلمة الحق والتضامن ضد أي ممارسة خاطئة؟

ماذا فعل زكريا حتى يختطف 6 سنوات كاملة دون أن يكشف مصيره، هل كل مصيبته أن أسرته متمسكة بالنظام والقانون سبيلا وحيدا لإطلاقه، أم أنه من أبناء عدن المدينة، حيث لا قبيلة ولا مليشيا مسلحة تدعمه وتتكلم باسمه؟

قضية زكريا ومصيره وغيره من المخفيين هي قضية كل غيور محب لهذه المدينة، وجميعنا شاهدنا مناشدة الأم المكلومة الممهورة بدموع الفجيعة على ولدها والتي تختزل مطالب جميع أمهات المخفيين وحالة أسرهم وذوييهم.

أيها السادة أعيرونا أسماعكم فقد بحت أصواتنا بحثا عن مصير زكريا، انفذوا القانون لا غير وأحيلوا ملفه للنيابة العامة والقضاء، هل وصل بنا الحال أن لا نعير نحيب الأطفال والأمهات المفجوعات أي اهتمام، ولا تتحرك بنا نخوة أو ذرة من رجولة أو مسؤولية!

لوجه الله أطلقوا زكريا وكل المختطفين، فالحق لا يتقادم، والديان لا يموت، والتاريخ لا يرحم.