آخر الاخبار

الرئيسيةكتابات جمال أنعممع التغيير وضد التبرير

جمال أنعم
جمال أنعم
عدد المشاهدات : 720   
مع التغيير وضد التبرير

أراد البعض خلق حالة من اللوم والتبخيس لفبراير الثورة والثوار، في محاولة لإجهاض روح الثورة، ولتكريس مشاعر الندم والخسارة لدى كل الحالمين الذين خرجوا مطالبين بالتغيير وبوطن أفضل.

الثورات قد تقوم لأسباب تختلف عن أسباب استمرارها ونجاحها، قد تتفجر الثورات لدواعي كثيرة وعلى نحو مباغت وبصور غير متوقعة، وفي أوقات عجيبة وغريبة.

يقرر فيها الناس التوقف عن أداء دور المقهور والخروج ضد القهر ورموزه، والمطالبة بحقهم في الحياة الحرة الكريمة.

ربما واجهنا تحديات كبيرة على مستوى جاهزية القوى الوطنية والأحزاب على رأسها، حيث لم تستطع التعامل مع المخاض الثوري الهائل، وعجزت عن تحويله إلى قوة دفع حقيقية للتغيير ولمشروع إنقاذ وطني فعلي متجاوز.

الضعف والقصور لدى الأحزاب هو نتاج عوامل كثيرة بالطبع، فهي إفراز للواقع بكل مفاعيله وما فيها من اختلالات وأزمات وخور وعماء وتخبط هو انعكاس لوضعيتها الخاصة والعامة وللتجربة الديمقراطية الكسيحة الخاضعة لاشتراطات السلطة الحاكمة منذ البدايات، والتي لم تسمح طيلة عقود بتعددية ديمقراطية حقيقية وشراكة وتبادل سلمي للسلطة، وحالت دون وصول الأحزاب المعارضة إلى حالة من النضج ومراكمة الخبرات اللازمة في العمل السياسي وصناعة التحولات وإدارة الدولة.

لقد أريد للأحزاب عموما حضورا شكليا وديكوريا ومحددا ضمن سقف يفرضه الحاكم على الدوام.

من المهم عمل مراجعات لهذا المسار، لكن بدون أن نسحب المعركة إلى داخلنا كما يريد أولئك الذين ما زالوا يرون 11 فبراير هي سبب كل ما حاق باليمن من كوارث وخطوب، وهم بهذا يحاولون إخلاء مسؤوليات أصحاب القرار الفعلي والتنصل من كل ذنب، رغم اقتراف الكثيرين شتى الجرائم والفظاعات، ورغم خياناتهم المدمرة وتحالفاتهم القذرة مع أعداء الوطن بدافع النقمة والثأر، حتى صاروا هم ضحايا لنقمتهم وأدوات ثأرهم، وعلى ذلك النحو الذي يعرفه الجميع.

من الأهمية بمكان التوقف وإعادة النظر في أدواتنا ووسائلنا ومواقفنا ورؤانا ومشاريعنا الوطنية عموما بحثا عن مكامن الضعف والفشل والقصور ومواجهة الحقائق بشجاعة وصدق، ويستوجب هذا الأمر الكف عن تبرير الانتكاسات والخيبات وتحمل المسؤولية، ورفع الصوت في المطالبة بإحداث التغييرات المطلوبة على مستوى إدارة هذا الصراع، لكن بدون جلد زائد لذواتنا، وبدون تحويل أنفسنا إلى هدف وحيد للوم والإدانة والتبكيت والتقريع والتخوين.

نحن خرجنا بحب ننشد التغيير في عالم يرى الحكام فيه أنفسهم آلهة يحكمون على شعوبهم بالهلاك، ويعلنون الحرب عليهم إذا ما طالبوا بتغيير أحدهم بسلام.