آخر الاخبار

الرئيسيةكتابات سارة قاسم هيثمالتجمع اليمني للإصلاح.. نهج وريادة

سارة قاسم هيثم
سارة قاسم هيثم
عدد المشاهدات : 681   
التجمع اليمني للإصلاح.. نهج وريادة

تزامنا مع قيام الوحدة اليمنية المباركة وظهور التعددية السياسية، كان التجمع اليمني للإصلاح في أوائل من حرصوا على إيجاد المساحات المشتركة بين كل ألوان الطيف السياسي والفكري على الساحة اليمنية إيمانا منه بأهمية الشراكة كضرورة وطنية وواحدة من أهم عوامل الاستقرار السياسي والوطني.

لقد كان الإصلاح في طليعة القوى السياسية والحزبية التي انتهجت خطا وطنيا منسجما مع أهداف ومبادئ ثورة سبتمبر مؤكدا منذ اللحظة الأولى لقيامه في عام 1990، على نبذ سياسة الإلغاء والإقصاء والعمل على قاعدة الشراكة الوطنية ضمن شروط العمل السياسي والحزبي المنضبط وداخل الإطار الوطني الجامع لكل تلك المكونات المنضوية في رابطة الوطن الأم اليمن، الوطن الذي يستوعب الجميع وتدور في فلكه مختلف القوى السياسية والحزبية.

على هذه القاعدة الوطنية الصلبة انطلق الإصلاح نحو بناء صرح وطني متماسك وحتى في الفترة المبكرة من عمر الديمقراطية اليمنية كانت تحركاته بين كل المكونات السياسية منصبة على تقريب وجهات النظر مع شريك الوحدة اليمنية الحزب الاشتراكي الذي كان يحكم جنوب اليمن.

لقد أثمر ذلك التقارب بعد سنوات وكانت ثمرته متجسدة في التقارب بين الحزبين ووقوفهم على أرضية مشتركة، حيث بنيت علاقات وطيدة بين قيادة الحزبين وكان من أبرز العلاقات علاقة الشهيد جار الله عمر، القيادي البارز في الحزب الاشتراكي، مع الأستاذ محمد قحطان القيادي في الإصلاح، فك الله أسره.

انعكست تلك الإرادة والنشاط المتدرج في بناء العلاقات بين قيادات الحزبين بشكل إيجابي على الحياة السياسية الأمر الذي لم يرق لأعداء اليمن التاريخيين بدءا بالإمامة وانتهاء بأعداء الوحدة، فقد تم العمل على تغذية النزاعات الأيديولوجية وزرع بذور الشقاق السياسي والفكري بين المكونين الرئيسيين وفبركة الإشاعات الهادفة لإشعال الفتن عبر أكذوبة فتوى التكفير ضد الجنوبيين، ما استدعى ضرورة فضح تلك الأكاذيب عبر رفع دعوى قضائية إلى القضاء اليمني وعبر المحكمة ظهر زيف تلك الادعاءات، ورد القضاء الاعتبار لأسس العلاقة الوطنية أو ما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين أهم مكونين آنذاك، وما تزال الوثائق محفوظة حتى اللحظة.

لم يتوقف الإصلاح عن مواصلة المسيرة نحو تمتين العلاقات السياسية مواصلا بعد ذلك أدواره الوطنية بين مكونات اليمن من خلال سعيه إلى نظم العلاقات بينه وبين المكونات السياسية والتي كان من ثمار جهوده ما سمي في وقته التكتل الوطني الأبرز والمتمثل في اللقاء المشترك، والذي كان بحسب محللين سياسيين التجربة السياسية اليمنية الرائدة والملهمة والتي استحقت عن جدارة مكانة سياسية مرموقة ليس على مستوى اليمن وحسب، بل على مستوى الوطن العربي.

مع تغير الظروف السياسية ودخول اليمن في أزمات متلاحقة أبرزها الانقلاب الحوثي كان دور الإصلاح حاضرا في كل منعطف وظل الإصلاح ثابتا في مواقفه الوطنية وحريصا على تغليب المصلحة الوطنية العليا بسيره في خطين متوازيين، الأول في مواجهة الانقلاب الغاشم جنبا إلى جنب مع كل الأحرار والوطنيين تحت مظلة الشرعية ومؤسساتها، والثاني في محاولته الحثيثة لملمة الصف الجمهوري بعيدا عن الخلفيات السياسية والأيديولوجية وتعزيزا للتوجه الوطني الرافض للانقلاب والمدرك لخطر المشروع الكهنوتي الإمامي السلالي على اليمن ووحدته وعلى الحاضر والمستقبل.

وبرغم الكيد السياسي والحزبي استطاع الإصلاح تحقيق نجاحات ملموسة على المستويين السياسي والاجتماعي وكان انعكاس ذلك جليا في محافظة تعز عاصمة الصمود والتضحية وقلب الجمهورية اليمنية التي تحقق فيها العمل السياسي بكل أبعاده وظل السياسيون فيها حاضرين بقوة لترسيخ ما تبقى من العمل السياسي متمسكين بالطريق الأوحد والأمثل لاستعادة العملية الديمقراطية برمتها.

انطلق الإصلاح في هذا المضمار إيمانا منه أن ما دون طريق العمل السياسي سيكون الاحتراب والاقتتال والمليشيات وهو ما لا يقبله الإصلاح بتاتا، بل ما ظل يحذر منه ردحا طويلا من الزمن حرصا منه على تحديد شكل الدور الوطني للإصلاح كحزب سياسي مدني يعمل تحت مظلة الشرعية وفي كل الظروف.

لقد أثبتت تعز كنتاج لهذه التجربة وواحدة من ثمار الاستراتيجية الحزبية لتعزيز الفاعلية السياسية وتطويرها أنها من أهم بواعث الأمل بإمكانية عودة المسار السياسي وإنهاء الانقلاب وتداعياته كمنطلق للعودة إلى مربع الفعل السياسي من جديد تكون تعز محط انطلاقته.

ما يزال الإصلاح يسير في نهجه النضالي ناصبا أمام عينيه تخليص اليمن من براثن الانقلاب واستعادة الدولة ومؤسساتها مدركا بأن الخلاص من الانقلاب وتداعياته لا يمكن أن يقوم به حزب بعينه أو مكون لوحده مؤكدا في الوقت ذاته بأن مشروع استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب لا يكون إلا عبر الروافع السياسية والاجتماعية لكل المكونات اليمنية.

يسعى الإصلاح بكل ثقله نحو توحيد الصف الجمهوري والوطني مع كل المكونات السياسية والاجتماعية ويعلم أن الحوار هو نهج لابد منه مع الجميع للوصول إلى تشكيل الرؤية الوطنية الجامعة لمواجهة الانقلاب وتداعياته واستعادة الدولة وتمكين مؤسساتها لذا فقد كان جهد الإصلاح مع كل الأحزاب في تشكيل التحالف الوطني الداعم للشرعية من أهم فواعل الكفاح الوطني ضد الانقلاب الحوثي وتداعياته الكارثية في القضاء على العملية السياسية والإجهاز على ما تبقى من مؤسسات العمل المدني لتبقى أهمية التركيز على كيفية تفعيله بالشكل المطلوب لمواجهة كل التحديات الوجودية لليمن ليصل بالجميع إلى النصر لليمن واليمنيين.

بالإشارة إلى ما سبق فإن التحدي ما يزال قائما ويبقى الأمل بإمكانية قدرة الإصلاح مع كل المكونات الاجتماعية والأحزاب السياسية ومع كل الأحرار والوطنيين في تجاوز التحديات والقفز على سوداوية اللحظة بإنجاز ما يجب انجازه لتحقيق إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة وعاصمتها ممكنا جدا وفق رؤية وطنية أكثر التزاما وطنيا وتوافقا سياسيا وشعبيا.