آخر الاخبار

الرئيسيةكتابات يحيى الثلايارسالة مفتوحة صادقة إلى صنعاء

يحيى الثلايا
يحيى الثلايا
عدد المشاهدات : 387   
رسالة مفتوحة صادقة إلى صنعاء

سأحرر رسالة مفتوحة إلى عبدالملك الحوثي، قائد جماعته وسلالته التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة منذ 2014م، وتخوض تمردا ضد الشعب والحق والبشرية منذ انطلاقته في صعدة 2004م.
ابتداءً: أقر وأعترف أنني لا أحبكم مطلقا، ولن أكذب عليكم بادعاء أن باعث رسالتي هذه هو محبة لكم أو قلقا عليكم أو حرصا على تجنيبكم الفناء.
نعم، أكرهكم للغاية، أنا واحد من أكثر الموتورين في شعبنا تجاهكم، ليس لسبب شخصي ولا ضغينة أو وجع يخصني أنتم سببه، بل لإدراكي المبكر بكارثية مشروعكم المدمر وأطماعكم المريضة.
كما أعترف أنني لست خائفا عليكم من الانتقام البشع الذي تستحقونه عن جناياتكم، بل يمكنكم الزعم أنني بجهدي البسيط طيلة العشرين عاما من تمردكم كنت في موقف المحذر من ظلامية وكارثية تاريخكم وفكركم وسلوككم وبشاعتكم حين تسنح الفرصة للنيل من شعبنا وهو الأمر الذي صار يدركه كل يمني.
مع ذلك، وتفاعلا مع ما شهدته دمشق مؤخرا من مصرع وخيم لطاغيتها، قررت أن أخاطبكم بهذه الرسالة المفتوحة بكل صدق وتجرد حتى لو كان من شأن خطابي أن يفيدكم - أو يقلل من ملاحقة بعضكم - كأشخاص لا كمشروع.
هل تمتلك الشجاعة يا عبدالملك الحوثي، أن تنسحب من حياة اليمنيين؟ وتعتذر لهم وتقرر إعلانا بإعادتك أمر الشعب إليه؟!
لقد نلت فرصتك وحصلت - على الأقل منذ إسقاط صنعاء - على ما لم تكن تحلم به لا أنت ولا أبيك ولا أخيك ولا حتى أسلافك من الأئمة.
لقد امتلكت يا عبدالملك لعقد من الزمن ونيف سلطة مطلقة، لم يظفر بمثلها لا حسين بن علي بن أبي طالب ولا الرسي ولا أحمد حميد الدين وأبيه ولا حتى الخميني وحسن نصر الله والقذافي وبشار الأسد.
عشر سنوات كاملة مختبئا لم يقابلك فيها مواطن من رعاياك ولا محبيك ولا عبيدك، لا أحد حتى يدري إن كنت في كهف أو جرف في صعدة أو طهران، ومع ذلك امتلكت خلالها سلطة مطلقة مجنونة بلا شريك ولا رقيب ولا مؤسسة ولا انتخاب ولا بيعة أو قانون غير مزاجك.
لن تحصل بعد العشر على ما هو أكثر منها، وحتما وقطعا فدوام الحال من المحال، ولكل شيء نهاية، حتى لو تعطلت أفعال البشر فهناك تدخلات السماء والقدر، بل وحتى عوامل الفناء الكيميائية لكل الكائنات.
وانت اليوم تدرك أكثر من غيرك أن ليس بعد التمام إلا النقصان.
هل تستطيع فعلها؟
نعم.. حتى اللحظة لا زلت تستطيع، ليس شرطا أن تفعلها مقرونة بطلب أو توقع أن يعفيك الشعب والتاريخ مما جنته فترتك وتحملته ذمتك، افعلها حتى لو لم تجد ترحيبا، بل من السخف والغباء أن تتوقع امتنان أحد أن أعدت لهم بعض ما لوثته ودنسته أصابع مجرميك.
افعلها حتى لو افترضت وتوهمت أنه لا زال في رصيدك من الأيام والقهر متسع لساعات أخرى أو أسابيع أو أشهر أو حتى عقود، فلك في آل الأسد عبرة، بعد أكثر من نصف قرن ضاقت بهم الأرض والسماء بصورة أبشع مما عاناه آل حميد الدين وشاه إيران، حتى طهران نفسها عجزت وجبنت عن استضافة واستقبال بشار الذي لا زال هو الرئيس الوحيد والحاكم المعترف به عالميا وإقليميا حتى عند أشد خصومه وجواره.
فكيف الحال معك وانت الذي لم يعترف بشرعية عصابتك أحد في الكون، بل وحتى لا مكان أو صفة لك فيها، فأنت لست حتى بصفة غلامك "المشاط" كما أنك جبنت حتى أن تختلق مرسوما يمنحك صفة الإمام كأسلافك، أو تنتزع تشريعا يمنحك صفة المرشد التي ابتكرها دستوريا أولياء أمرك لأنفسهم في طهران بعد أسابيع من نجاح ثورتهم.
سأقول لك ما هي استفادتك من قرار كهذا، هناك فائدة مهمة جدا ستجنيها، إذ ستكون من اتخذ الخطوة الأخيرة برضاك، وربما ستوفر بعضا من الانتقام الوخيم الذي ينتظره أعوانك وزبانيتك من أبناء السلالة على يد الشعب المجروح جرحا لا يشفى ولن يندمل.
جرب طلب اللجوء عبر الطائف أو مسقط إلى لندن كما صنع ابن عمك البدر، لعلك تعيش أياما حرمت منها أبناء الشعب اليمني، وإن لم يثمر طلبك فاطرق باب قم أو النجف لعلهم يقبلونك إن كان ما زال في أيامهم متسع للقبول.
أما الشعب اليمني فسيجد طريقا للخلاص بإذن الله، سيتنفس اليوم أو غدا، ففي سنن الكون وصفحات التاريخ وخزائن العدالة السماوية ما يجعلنا نثق بقرب انبلاج الصباح.