اضمحل تفاؤل "إسماعيل ولد الشيخ أحمد" المبعوث الأممي إلى اليمن الذي أبداه بداية شهر نوفمبر الحالي، بحدوث حوار يمني منتصف هذا الشهر، وبحسب المعلومات الأخرى فقد تحدثت أطراف في الأمم المتحدة معنية باليمن إنهم وضعوا يوم 20 من هذا الشهر أيضاً موعداً، ولا يبدوا أن ذلك سيحدث قريباً.
في اليوم التالي لزيارة أمير عبداللهيان نائب وزير الخارجية الإيراني إلى "مسقط" اتصل به "ولد الشيخ" ليلاً، وفي اليوم الثالث الثلاثاء الماضي كانت الطائرة الأممية في "طهران"؛ التقى المسؤول الأممي بوزير الخارجية الإيراني، وأيضاً بـ"عبداللهيان" ولم تخلو عبارات المجتمعين من الثناء على بعضهم.
كان وقتها الرئيس اليمني في "قصر المعاشيق" وهو المكان الذي لم يكن أمناً قبل أيام من وصوله حين هاجم مسلحين يتبعون "المقاومة الشعبية" القصر الرئاسي عدة مرات، بحق أو بوجهة حق، إلا إن كل المعانِ كانت تشير إلى كونه غير أمن، مع ذلك ربما أطمئن "هادي" لوصول قوات إماراتية متخصصة لحماية المدينة التي تحررت في يوليو الماضي من المسلحين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق.
بالتأكيد إن تواجد هادي في "عدن" ترسيخ لشرعيته، وهو ما أزعج الإيرانيين، الذين يصفونه في الإعلام الفارسي، بالدكتاتور الفار العميل لـ"آل سعود" و المرتبط بـ"إسرائيل". وكانت عودته جزءً من ذلك الحديث مع المبعوث الأممي، إلى جانب المبادرات المطروحة من أجل التوصل إلى حلّ سياسي.
تشير مجلة (international policy digest) في تقرير لها يوم الخميس (19/11) أن معركة إيران في اليمن هي الأقل تكلفة لها مقابل الخسائر العظيمة في "سوريا" و "لبنان" و "العراق"، وهي الأكثر تأثيراً على المملكة العربية السعودية، ولذلك فليس لديها مانع من استمرارها طالما أنها ستخفف خسائرها في تلك البلدان ولن تخسر شيئاً في ذلك البلد.
لذلك كانت إيران صارمة مع "ولد الشيخ" وإن ظهر في وسائل الإعلام مادحاً، فعندما ذهب إلى طهران كان يرغب أن تقوم بالضغط على حلفاءهم الحوثيين من أجل البدء في "المشاورات" يوم 20 نوفمبر، أو حتى على الأقل أن يعلنوا أسماء وفدهم المكون من 7 أشخاص، أسوة بما فعله غرمائهم حكومة "هادي" التي أعلنت لجنتها في وقت سابق؛ لكن ظنه خاب، فقدمت إيران مرةً أخرى مبادرتها المكونة من 4 نقاط لحل الأزمة "وقفاً فورياً لإطلاق النار في البلاد، والبدء في خطة للمساعدات الإنسانية، والشروع في حوار يمني يفضي الى تشكيل حكومة ذات قاعدة موسعة لإنهاء الصراع".
تحدث المحلل السياسي الإيراني هاني زادة أثناء الزيارة للصحافة المحلية أن إيران دفعت بالمبادرة وتأمل من ولد الشيخ تنفيذها، موقع الخارجية الإيراني تحدث على الموافقة على الحوار ضمن مبدأ وقف "إطلاق النار"، في ذلك الوقت تحدث "محمد عبدالسلام" المتحدث باسم الحوثيين إن "ولد الشيخ" دعاهم للقاء في "مسقط" وأنهم تلقوا رسائل إيجابية حول "اعتراضاتهم". وتبرز اعتراضات الحوثيين بوضوح في تصريحات ل"عبدالسلام"، فورقة الأجندة التي قدمتها الأمم المتحدة لم تتحدث عن "الانتخابات" و "محاربة الإرهاب الداعشي" و "النقاط السبع المتفق عليها في مسقط"، يقول "عبدالسلام. ولا يبدوا أن الحكومة اليمنية لديها نيه للحديث عن الأخيرة حتى لا تكون بديلاً للقرار الأممي "2216"، ويمكن أن تكون النقاط السبع تنفيذاً للمبادرة الإيرانية بوجهها المقبول للأمم المتحدة.
كاستراتيجية "إيرانية" من الصعب حل الملف اليمني دون الوصول إلى حل للملف "السوري"، ويبدو أن "روسيا" بدأت تشاطر إيران هذه الاستراتيجية، طالما أنهما لن يخسرا شيئاً، وقد تفضّل "السعودية" الذهاب إلى "روسيا" والتوافق حول حلول ممكنة يتضمن أيضاً مصالح "روسيا" في البحر المتوسط، وسيعني تحالف "السعودية – تركيا" الكثير للإيرانيين و "الروس" وحتى الأمريكيين، ومن الواضح أن ملامح كهذه بدأت تتشكل وإن كان بلا رغبة من بعض الدول العربية والخليجية التي تعيش حالة فوبيا من "الإسلاميين"؛ ولعل "إيران" بدأت تظهر من ذلك التوجس من خلال تصريحات المسؤولين في طهران، حيث يظهر كأن "روسيا" هي المتحكمة الآن بالملف السوري وليس "إيران" وبالتأكيد إذا كانت هناك مصالح مرتبطة بينهما، فليس وارداً ان تكون كلها، فحجم توغل طهران في السوري كبير، وفي "اليمن" أقل من ذلك بكثير.
كاستراتيجية للحوثيين وحلفاءهم فلا يؤمنون إلا بـ"سلطة الأمر الواقع"، وطالما أن هناك تقدماً لقوات التحالف و القوات الحكومية على الأرض، فهذه الاستراتيجية تهتز مقابل خضوعهم لحوار مرتقب، ومن يتحكم بمحافظة "تعز" هو الرابح دائماً، كما يقول التاريخ اليمني الحديث.
لذلك إيران ستستمر بـ"المراوغة" كما "الحوثيين" حتى "تجد" حزماً من الحكومة اليمنية الشرعية، يلغي "سلطة الأمر الواقع" التي يديرونها، وهذا الأمر يتطلب إزاحة الخلافات الناشئة بين "الحكومة" و "الرئاسة".