أصبحنا نسمع كثيرا عن خلافات بين أفراد المقاومة الشعبية، وأصبح الجدل كبيرا، وتحديدا حول جزئية ننتقد المقاومة أو لا ننتقدها.
البعض يطالبون بانتقاد المقاومة حين تخطئ أو تقصِّر، في المقابل هناك من يتعامل مع تلك الانتقادات بالتشكيك والتخوين.
هناك العديد ممن يفضلون انتقاد المقاومة، لكن في المقابل أيضا هناك من لا يتقبل ذلك، ويعتبر أن من ينتقد اليوم قيادياً في المقاومة كـ"عارف جامل"، سينتقد غدا قائد المقاومة الشعبية في تعز حمود المخلافي.
ينتقدون حدوث سرقات كثيرة لمنازل أو محلات تجارية في مناطق خاضعة لسيطرة المقاومة، وهذا بالفعل حدث، لكن لا ينبغي أن نقول المقاومة تسرق، ونعمم سيئة أفراد، على كل المنتمين للمقاومة، فأكثر المنضمين لها هم من رجالات تعز المخلصين، الذي خرجوا للدفاع عن مدينتهم، ولكن هناك أيضا العشرات ممن انضموا للمقاومة ومن مختلِف الأطياف، وبينهم غير مخلصين، وانضووا تحت راية المقاومة، لتحقيق أهداف خاصة بهم، ومن السهولة بمكان أيضا أن يتم تجنيد رهط من الرجال، ليدّعوا أنهم ينتموا للمقاومة، فيقوموا بأعمال غير أخلاقية، تضر بسمعة المقاومة، وبالطبع فالمقاوم في تعز، لم يولد وقد كتب على جبينه مقاوم لنعرفه.
في المقاومة شباب في ربيع العمر انتموا إليها، ولا همّ لهم إلا بناء اليمن الذي يحلمون به، الكثير منهم كان بإمكانهم مغادرة المدينة، وبناء مستقبلهم في مدينة أخرى أو دولة أخرى، لكنهم بقوا ليدافعوا عن مدينتهم، ويعلنوا بملء أفواههم أنهم لن يركعوا، مهما استبد الظالم، هم شباب خرجوا لا يريدون شيئا، هم فقط لم يرتضوا بالذل والمهانة التي تمارسها بحقهم، جماعة الحوثيين وصالح.
ما يحدث الآن هو يضر بالمقاومة، ويعمل على تفكك الحاضنة المجتمعية التي تحظى بها، وسيعمل كذلك على تشويه المقاوم، الذي ترك كل شيء خلفه، وخرج يدافع عن الوطن أولا، ومدينته ثانيا، وسنخسر قضيتنا التي ضحينا لأجلها بالكثير.
وأيا كانت دوافع النقد، فإن توقيتها خطر للغاية، إذ بات الحديث عن الحسم في اليمن يقترب، وسيكون المستفيد أولا وأخيرا من أي تفكيك أو تخاذل، هو صالح وجماعة الحوثي، فهم لن يدّخروا أي جهد للبحث عن طرق للالتفاف، ليتسيد فشل المقاومة في تعز المشهد.
على المقاومة أن تعمل على حل المشكلات بسرعة، وتعاقب المسيء أيا كان، لا أن تحميه، ويجب أن يحدث النقد بعيدا عن المهاترات السياسية، التي لم تبنِ يوماً وطنا، وللأسف فإن ما يحدث في وسط المقاومة بتعز، هو يخضع للأحزاب التي ما زالت تظن بأن لها مكان، غير واعية أنّا ما نزال في اللادولة.
نحن في معركة، ولا مجال فيها للعبث، أو عدم الاكتراث لما يجري، أو عدم التسريع في حل المشكلات، آلاف المواطنين من تعز يعيشون مأساة حقيقة تتفاقم يوميا، وأكثر من نصف السكان نازحين، فعلينا أن نلتفت إليهم ولا ننساهم، حتى لا تتضاعف جراحاتهم أكثر، ويجب أن يصنع أبناء تعز النصر بأيديهم، لأنهم وأهليهم، من تضرروا من الحرب التي فرضتها جماعة الحوثي وقوات صالح على المدينة.
واليوم وبعد مرور أشهر عدة على الحرب في تعز، بات أبناء تعز، يدركون حجم العمل الذي قامت به المقاومة في المدينة، والتي تمتلك إمكانيات متواضعة، ولا يريدون العودة إلى الوراء أبدا، فالمقاومة تلك مثلما منعت قدم حوثي واحد أن تطأ وسط المدينة، ستعمل على طردهم من كل المدينة.