ليل الأربعاء الماضي اعتلى عدد من أفراد الجيش الوطني مدعومين بالمقاومة الشعبية جبل القرن في نهم رافعين علم الجمهورية تحت أضواء هلال شوال الآخذ في التكوين .
صباحاً أُعلن الزحف نحو معسكر ((حام)) ذو الحظوة الإستراتيجية عند الحوثيين في الجوف ، وهو ما تبقى للمتمردين في رابع أكبر محافظة يمنية.
على غير هذا النحو كانت تعز...قذائف الحقد تتساقط من كل مناطق تمركز الحوثيين المحيطة بالمدينة ، أصواتٌ مفزعةٌ لأسلحة لا تُحدث سوى الدمار ولا تُولِّد غير الموت وامتهان الحياة بسلبها أجمل وأقدس ما فيها وهو الإنسان .
أين تعز ؟
سؤالٌ يثير الشكوك ويبعث الريبة عن ماهيّة التعامل مع تضحيات هذه المدينة التي قدمت الغالي والنفيس في سبيل بقاء الوطن متماسكاً يواجه عتو العبثيين القادمين من وراء الجبال للإفساد في الأرض ...
يستميت عسكريو التحالف العربي في توسعة نطاق المعارك مع المتمردين في كل من الجوف ومشارف صنعاء فيما تستميت المليشيا في القتل والتنكيل ونشر الرعب بين أبناء مدينة تعز في مقايضة تبدو أقرب لوقائع المعارك الضارية في الجبهات الثلاث المشتعلة ، لكن تعز بوضعيتها الخاصة تكابد ملمات عدة مُسطّرةً ألمع صور التحدي والعزيمة بفضل شبابها الذين يبذلون أقصى الجهود لصناعة مستقبل مدينتهم كما يأملون ويطمحون .
تعاني تعز من واقعها المرير بسبب التجاهل غير المبرر من قيادات التحالف والحكومة الشرعية ، فبالإضافة إلى النقص الكبير في الإمداد العسكري الذي لا يكاد يُذكر والدعم المادي المنقطع منذ أشهر يُمارس نوعٌ من التضليل المشين يستهدف وحدة المقاومة وعظمة إنجازاتها المذهلة المحققة بجهود أغلبها ذاتية على المستويين البشري والعتادي وهو ما يفتح الباب للتأكيد على أن وضعية تعز لا يمكن مقارنتها ببقية الجبهات في مأرب والجوف وصنعاء وميدي .
يتساءل أفراد المقاومة ومعهم ابناء المدينة المحاصرة أين تعز من كل ما يتم تناوله إعلامياً ومن كافة الأطروحات النقاشية على المستويين الإقليمي والدولي ،فبمجرد ما يتم الإعلان عن هُدن تحضيرية لمشاوراتِ سلام صورية تظل تعز وحدها مجهولة العنوان في كل هدنة ، فتُستهدف أكثر من كل مرة ويشتد القصف عليها بكل الأسلحة ويُفتك بساكنيها الذين لم يعودوا يعلقون الآمال إلا على كل من حمل بندقيته وشحذ همته واتجه إلى المتارس الأمامية في خطوط النار يذود ويتصدى بكل قوة وإيمان لكل من يحاول الإقتراب من المدينة الصامدة الشامخة في وجه كل صلف يستهدف وجهها الأصيل وكنهها المعبر عن ثقافة أمة تعاقبت عليها قرون من الحكمة والحنكة اليمنية الخالصة .
أين تعز من التوجه العسكري العام الهادف لتخليص البلاد من براثن الإستبداد السلالية واستعادة الشرعية الوطنية المكتسبة شعبياً ؟ أينها من كل هذه الآليات والعربات المدججة بأحدث الأسلحة ؟ أينها من واقع الحال الذي يُنبئ بقرب معركة استرداد صنعاء فيما قلب الوطن لا يزال محاطاً بمخاطر تشل حركته واستمراره ....
أجيبونا عن مكانة تعز التي توارونها الثرى بإهمالكم الذي لا يمكن استساغته ،عن وضعها في ظل خططكم العسكرية المتوسعة من يوم لآخر...بالله عليكم أين تعز بالنسبة لكم ؟
وتذكروا جيداً أنه قبل التحرك لاسترداد صنعاء لا يمكن لراية أن ترفرف ولا لهدف أن يكتمل دون عودة الروح الحقيقية لمدينة تعز وعودة أهلها لوضعهم الطبيعي وانتشال المدينة من جحيم المعاناة المفروض منذ أكثر من عام وتوحيد الجهود لإعادة ملامحها المدنية المُغيبة بمواكبة الأحداث المفروضة حينها تحدثوا عن الوصول إلى صنعاء وتوقفوا على أعلى قمة فيها وانظروا لمدينة تعز وهي تحيي ليلة النصر دون سابق إنذار احتفاءً بعودة مدينة سام إلى رحاب الجمهورية اليمنية من جديد ... فقط إن أردتم حقاً عودةً كاملةً لصنعاء،أجيبونا.. أين تعز؟