آخر الاخبار

الرئيسيةكتابات عبد الملك شمسانالحاضنة الحقيقية للحوثيين

عبد الملك شمسان
عبد الملك شمسان
عدد المشاهدات : 9,325   
الحاضنة الحقيقية للحوثيين
لا يتعلق الأمر في اليمن بالمناطقية إلا من ناحية ثانوية في استمرار حلف الانقلاب وصالح باللعب على هذا الوتر لتحقيق ما يمكنهم تحقيقه منه. والذين يغمزون الهضبة الشمالية مناطقيا، بل لا يتورعون عن أن يكيلوا لها الصفات الذميمة ويعتبرونها حاضنة للحوثي، هم في الغالب من أولئك الذين كانت تستنجد بهم الهضبة الشمالية وهي تواجه مدافع وصواريخ الحوثي منفردة وكانوا يسخرون من أنينها ويرفعون أصواتهم بالضحك حتى تغلب قهقهاتهم صوت ندائها واستنجادها مبررين حرب الحوثي عليها وجرائمه فيها.. منحوا الحوثي دعمهم بالمجان، ثم استيقظوا صباحا يجمعون ثيابهم ومضوا وضمائرهم لا تشعر حتى بوخزة ضمير، ثم ها بعضهم يرتكبون بحقها جرما ثانيا بوصفهم لها أنها حاضنة الحوثي، وكأنها ليست تلك الهضبة الشمالية التي قاومت الحوثي وألويته حين كانوا هم حاضنته الرخيصة!!

حاضنة صالح والحوثي ليست صنعاء ولا صعدة ولا حجة ولا عمران، حاضنتهم ليست الهضبة الشمالية، حاضنتهم هم أولئك الذين ما يزالون يعملون من أجل إنقاذهم، مستخفين تحت لافتة ظاهرها الرحمة باليمنيين وباطنها العذاب والقتل والخراب والدمار.

 لو كانت صعدة حاضنة للحوثي لما احتاج لأن يحارب فيها عشر سنين رغم كل ذلك الدعم من إيران ومن الشرق والغرب، ومن صنعاء أيضا!!

أيام كان علي صالح يرفع لافتة الشرعية المعمرة في مواجهة ثورة 2011، خرجت صحيفة "الثورة" الرسمية تغطي أول حشد له في ميدان السبعين بمانشيت أحمر عريض يقول: "مديرية صنعاء القديمة تخرج عن بكرة أبيها تأييدا للشرعية"، انزوى في مديرية واحدة، بل حتى هذا كان جزءا من الحرب الإعلامية بالكذب، فلو خرجت معه مديرية صنعاء القديمة لأغنته عن استقدام آخرين من خارج العاصمة لينظم بهم مسيرة في محافظة أخرى.

لو أن صنعاء حاضنة اليوم لصالح وهو منقلب متسلط بلا شبهة حق، لما لفظته في 2011 وهو رئيس.

لو كانت الهضبة الشمالية حاضنة للحوثي وصالح لما احتاجوا فيها لكل تلك الألوية والنقاط والتفتيش والمداهمات والاختطافات والسجون.. لو كانت الهضبة الشمالية حاضنة للحوثي وصالح لما أغلقوا فيها كل القنوات التلفزيونية واﻹذاعية والصحف، ولما حجبوا فيها كل المواقع الإخبارية.

منذ انطلقت أول رصاصة مقاومة كان صدى صفيرها يقول "قادون يا صنعاء"، وما تزال الرصاصة تصفر، وما يزال صداها يجلجل، وسيظل الأمر كذلك حتى النهاية إلا أن يحكموا عقولهم.

لولا المقاومة في شبوة لاجتاحها الحوثيون وما حولها، واستقووا بذلك النصر فاجتاحوا كل البلاد، ولولا المقاومة في مريس لاجتاحها الحوثيون وما خلفها وإلى كل البلاد، ولولا جبهة نهم والجوف لاستفاد الحوثي وصالح من قواتهم هناك في اجتياح تعز ومنها إلى كل البلاد، والكلام ينسحب على كل المحافظات والجبهات.

المقاومة في كل محافظة هي مقاومة عن كل المحافظات الأخرى، والحرب في كل المحافظات حرب لتحرير صنعاء، والنصر في كل محافظة هو نصر لكل المحافظات ونصر لصنعاء.

البلاطجة والمجرمون يتأتى لهم الأمر وفق قوانين البلطجة والإجرام، وأصحاب القضية العادلة يتأتى لهم النصر وفق قوانين العدالة، وليس من العدل من أي مساند للشرعية في أي منطقة أن ينتقص من أي منطقة أخرى.


عقب الثورة أراد البعض الخلاص من خصوم سياسيين أو قبليين، وكان أفضل شيء لهم أن يلحقوا هؤلاء الخصوم بنظام صالح ويعدوهم منه، ليكسبوا حربهم عليهم شيئا من شرعية الثورة، لكن الثورة عادلة لا تسلم نفسها لمن يريد استغلالها ظلما وعدوانا، واليوم هناك من لا يزال يحاول استغلال عدالة المقاومة للنيل من خصوم سياسيين في ذات الجبهة الشرعية، لكنها أيضا لا تصلح للاستخدام في مجالات الظلم.

هو مخطط لأطراف دولية كبرى شرقية وغربية لتقسيم اليمن فالخليج العربي على أساس طائفي مقيت ومنذر بانهيارات وصراعات لا تتوقف، ويوشك إصرار اليمنيين وأشقائهم في الخليج أن ينجح -بإذن الله- في إحباط هذا المخطط الذي تمثل فيه إيران رأس الحربة، وقد أدرك أصحابه ذلك وهناك تحول كبير في الميدان اليمني يعكس تحولا كبيرا لدى هذه الأطراف، لكنهم لم ييأسوا من استغلال ظروف الحرب لإثارة الأحقاد الأسرية والمناطقية والمذهبية وأشكال التعصب، حتى إذا تحررت صنعاء واليمن لم يكن أبناؤها قادرين على الاستفادة من النصر جراء حالة التقسم وشيوع التعصب المقيت تحت عناوين متعددة. وإذا كانت هذه طبيعة الحروب وهذا ما تتركه بشكل طبيعي وتلقائي فكيف إذا كان هناك من يستغلها ويضاعف آثارها؟ وكيف إذا كان هذا يجري بقرار سياسي لأطراف دولية تمتلك أدوات التنفيذ الكامل!؟

يجب أن لا يقتصر هدف اليمنيين على الوصول إلى صنعاء منتصرين على الانقلاب، بل منتصرين على أنفسهم أيضا، سالمين من الآثار السلبية التي تتركها الحروب في النفوس من الأحقاد وأشكال التعصب المناطقي والقبلي والحزبي والمذهبي.

وإذا كان الجيش الوطني والمقاومة مسنودين بالتحالف هم من يتكفل بعون الله بتحقيق النصر الأول المتمثل بإعادة الشرعية إلى صنعاء، فإن النخبة المثقفة تتحمل العبء الأكبر باتجاه تحقيق الشق الآخر من النصر والمتمثل بإيصال المجتمع إلى صنعاء سالما من آثار الحرب السلبية على النفس والمجتمع.