يقال إن عيداً مرّ من هنا، فهل التقى به كل أبناء الوطن بذات الروح؟
لا أظن أنه مثّل لكثير من الأسر عيداً يستحق الاحتفاء أو الاستقبال بالفرح، بل صار مناسبة للحزن والبكاء في غياب أفراد من هذه الأسر بالموت أو الاعتقال.
المعتقلون مثلوا الفرحة المغيبة عن قلوب عشرات الأسر التي لا تعرف نهاية أو مآل لاعتقال ذويهم وأبنائهم, حتى أولئك الذين فقدوا أحبابهم في ميادين القتال حين ارتقوا شهداء، عرفوا مصيرهم ومآلهم فالشهادة من أجل الحرية حرية وحياة.
فكان عيدهم زيارة لتلك القبور التي احتضنت رفات أحبتهم، فنثروا عليها الدعوات والصدقات وعادوا إلى دورهم بقناعة أن رحمة الله واسعة وأن جوار الله هو خير وأبقى.
أما المغيبون عن الحرية في المعتقلات أولئك الموؤدون عن الحياة بلا سبب ولا زمن محدد ولا مخرج واضح يبدو في أفق ملبد, هم جراح الوطن النازف بكل الجراحات, هم العيد الغائب عن قلوب أطفالهم وأمهاتهم ونسائهم.
عارٌ علينا أن يأتي عيد أعيادنا، ذكرى ثورة الحرية والكرامة وما زال في سجون الأئمة أحرار يضرب في حلوقهم القيد, بأي وجه نقابلك يا أيلول عزتنا وقيد الذل في أحشائنا ينغرز؟
هم وصمة التخاذل في جباه كل مؤمن بقدسية الحرية, فلجأ للصمت خوفاً أو تواطأً والصمت عن الحق أحقر أنواع الضعف.
السجون التي تكتظ بمعتقلي الكلمة والموقف هي أوضح الأدلة على تراجع قيمة الحرية في نظر حكامنا الجدد القدامى وامتهان الكرامة هي ديدنهم ما دامت نظرة الاستعلاء والفوقية الاصطفائية منهجهم وإلا فبأي حق تكمم الأفواه وقد ولدنا أحرارا سويا.
فكيف لا ينبض سبتمبر الحرية فينا جيلاً بعد جيل مزيحاً في طريقة أدران الإمامة كلها.
فعذراً سبتمبر المجيد إن جئتنا والقيد في حلوقنا والظلم قد أنغرز مليا في حياتنا, عذرا أجدادنا العظام الذين أراقوا دماءهم بسيف الجلاد من أجلنا فلم تهونوا ولا فرطنا..
إنّا على خطاكم لن نحيد عن سبتمبر العظيم، وسيشرق فجره من جديد.