لم يكن فبراير ثورة شعب ضد حكم فاسد وحاكم جائر فقط، بل أن فبراير مثّل ثورة أخلاق لطبيعة مجتمع أيضا.
لقد تفجرت عبر فبراير أشياء كثيرة وينابيع عديدة وصارت شلالا هادرا استحقت به ثورة 11 فبراير عظمتها في قلوبنا..
لم تكن دماء الأحرار التي تفجرت من عروقهم هي الشيء الطاهر والعظيم فقط، كانت هناك أخلاق هذا الإنسان اليمني العظيم الذي تجاهله المستبدون دائما..
تجاهلوا غضبته العظيمة وتجاهلوا قدرته على التضحية والفداء كل هذا بتحضر فاق توقعات المحللين عبر كل الأقطار والدول.
لقد ظنوا باليمني، ذلك الإنسان البدائي الجهول فبرز جيل تمسك بمدنيته واخلاقه العالية وضرب أروع الأمثال رغم كل شيء وما آلت إليه الأمور بسبب اندساس عنصر الحوثية ضمن ساحات الشرف والنقاء.
كانت تجربة إنسانية فريدة مر بها أبناء هذا الشعب من الأحرار على مختلف توجهاتهم، والتحم الجميع في قالب واحد هو قالب الحرية وحب الوطن.
تلك العظمة في احترام المشاركة النسائية وحماية نساء الساحات في المظاهرات بدروع من أجساد الشباب مظهر لا ينسى ولا يمحى من الذاكرة.
صور الترابط والتآخي النادرة التي حدثت في الساحات كانت معبرة عن مجتمع أصيل بطبعه وفطرته..
كان العطاء بلا حدود من كل فئات الشعب ابتدأ من عطاء ربات البيوت والثائرات بكراتين الكعك وولائم الإفطار ووجبات الأكل في كل حين وانتهاء بعطاء الشباب لأرواحهم الخالدة ودماءهم الزكية، وهم يعلمون أنهم في كل مسيرة يخرجون فيها هاتفين للسلام والحرية قد لا يكون فيها عودة للخيام.
وفي المقابل اخرج نظام المخلوع وحاشيته أقبح ما فيه من كراهية وحقد ضد هذا الشعب الذي تحمله ثلاثا وثلاثين عاماً.
لقد قابل أخلاق الشباب ومثاليتهم بعدمية أخلاق بدأت بإزهار عفن الإشاعة وبلوغها الذروة وتجاوزها الأعراف والتقاليد والأخلاق بصورةٍ تجعل المرء يوقن أن الحرب ليست خدعة لدى البعض بل خسة وضعة، حتى و إن كانت هذه الحرب ضد حركة سلمية من شباب الثورة إلا بسلاح الصوت والكلمة..
لقد كانت الإشاعات المغرضة هي أول ما طفحت به مجاري الحقد مع أنفاس الموت الذي نشره المخلوع بعد ذلك حصدا للشباب وإزهاقاً لأرواحهم البريئة..
حتى انتهى به المطاف إلى سوء الخاتمة المستحقة بتسليم الدولة والجمهورية لأعداء اليمن في انقلاب لن يكون أكثر من عاصفة غبار عابرة تحجب شمس فبراير إلى حين.