آخر الاخبار

الرئيسيةكتابات فيصل عليالنصر والحق

فيصل علي
فيصل علي
عدد المشاهدات : 41,931   
النصر والحق

"وهب أننا اضعنا الطريق .. إلهي دلنا عليك فنحن أمة تقول على الدوام اهدنا" مولانا

الحياة أكبر من أن نختزلها في وضع أو في حالة معينة، يموت عليك حبيب لا تمر الساعة أو الساعات فإذا بك تبتسم لطفل أو لسماع طرفة من أحد الظرفاء المعزين.

الحياة أشمل من أحداثها، يمر بك الفرح ويخيل إليك أن السعادة غمرتك من رأسك حتى أخمص قدميك، فاذا بحدث سريع يدمي قلبك، ومع ذلك هذه هي حياة العامة الحياة الطبيعية للبشر، لكن من الزموا أنفسهم بالقضايا الكبرى فحياتهم مختلفة نوعا ما، لا يستسلمون لحزن ولا لفرح ولا لظرف بعينه، فهم اكثر من يدركون المعنى من قصر الحياة، وضرورة حفر المعاني العظيمة على جدران الزمن، فالتاريخ ينسى العامة ويذكر من حفروا يومياتهم في سجلات الخلود.

تشرد الكثير من الناس بسبب الانقلاب السفيه، والتشرد نتيجة وليست سبب، عدم القدرة على الصراع أو الانحياز إلى فئة أو التماس القوة بالإعداد وتعويض النقص الذي أدى إلى الانكسار، كلما سبق وارد، لكن أن ينسى المشرد نفسه وقد نجى فعاد للراحة والدعة بطريقة مبالغ فيها، فهذه دلالة سيئة على سوء التقدير والتدبير وسوء الطالع.

 

الفقر والحاجة أدعى للثورة والمقاومة، قياسا بالزهو والترهل والرفاه المصطنعة، مظاهر البذخ بعد التشرد مدعاة للثبور، الناس في الجبهات يقدمون أرواحهم والمترفين الجدد في النعيم، تكفي مأرب أو مديرية القاهرة في تعز للصمود والنضال لمن أراد استعادة البلد، لكن من يريد استعادة عافيته فعواصم التحالف فيها من الراحة ما يكفي، إلا أن عافية الضمير تقع ضمن خارطة الكرامة.

 

ما حدث في عدن مخيب للآمال لكنه فشل يدعو لليقظة لا للنوم أو للهروب، كانت عدن فخا مسبق الإعداد ولم نكن نتوقع منها الأفضل، فقد سبق إليها من يبحثون عن ذواتهم لا عن كرامة وطن، ولذا من جاء باعوه الوهم فاشتراه منهم بوهم، لدرجة أن ترف الفقهاء لم يصل إلى مثل هذا الحال من بيع الوهم بالوهم ومدى حرمته.

 

يظل الأمل معقود بعزائم الرجال الذين لا يبحثون عن رفاهية، ويبحثون عن كرامة وشرف أمة كاد يطمسها الفساد الذي سبق الانقلاب ومهد له بعقود من الخراب المتعمد للمؤسسة والفرد معا.

 

فإذا تساوى الفساد في ضفتي المعركة لمن النصر؟ للأكثر صبرا وجلدا، فإذا تساوى الصبر هنا وهناك فلمن النصر؟ لصاحب الحق وهذه لا جدال فيها، فالانقلاب باطل ولا يمكن أن يكون حقا ولو بنسبة الصفر، إذا فلماذا تأخر النصر؟ لأن طلابه رسميا بعيدون عن المعركة، لكنه سيتحقق مع المزيد من التضحيات.