الاتحاد الدولي للصحفيين يرفض التعسفات ضد نقابة الصحفيين في عدن في اليوم العالمي للطفل.. 10 ملايين طفل يمني بحاجة إلى المساعدة توصية بإنهاء الازدواج الوظيفي وإعادة تقييم الحد الأدنى للرواتب دعم بريطاني جديد لقوات خفر السواحل اليمنية والرئاسي يشيد أحزاب شبوة تندد بقمع الفعاليات السلمية وتطالب باحترام حرية الرأي نيوزيلندا تصنف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية الرابع خلال عام.. فيتو أمريكي لدعم حرب الإبادة في غزة السفير السعودي: المملكة شريك فاعل مع الأشقاء في اليمن وستستمر بأداء واجبها الأخوي هيئة رئاسة مجلس النواب تناقش الترتيبات اللازمة لاستئناف انعقاد جلسات المجلس جهل فاضح واستغفال للرأي العام.. البنك المركزي يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج
في مثل هذه اللحظات منذ خمس سنين، كانت قد صدرت الأوامر التنفيذية باغتيال الشهيد الشيخ صالح سالم حليس، وانتقلت فرقة التنفيذ قبل صلاة العصر لرصد الهدف في مديرية المنصورة، وهو يخرج من مسجده "مسجد الرضا"، ولم يكد الرجل يبتعد خطوات عن الجامع حتى كانت الدراجة النارية بآثميها تقترب من الرجل وتطلق أعيرتها القاتلة على جسد الشهيد ليسقط مضرجا بدمائه.
هذا هو المشهد الذي تكرر مرة أخرى في صبيحة الثلاثين من يونيو عام 2021، ليطلق نفس القتلة نيرانهم على الشهيد بلال الميسري في نفس المديرية المنصورة، وبين الجريمتين والمشهدين ظل نفس المشهد يتكرر في عدن على مدى خمسين عاما ماضية وهذه هي أركان المشهد:
- الآمرون
- المنفذون
- وسائل التنفيذ
- الضحية
ومع اختلاف أسماء أركان المشهد التي ظل أركانها الثلاثة الأولى غائبة كغياب العدالة، لم يكن يعرف إلا اسم الضحية ومكان الجريمة وزمنها، وظل الجرح ينزف.. والرصاصي يلعلع.. والرجال يتساقطون.. والمدينة تضيع.. والأسئلة تتوالى:
- لماذا يقتل الرجال؟
- لماذا تحكم المدينة وتدار بالقتل والإرهاب؟
- لماذا تغيب العدالة؟
- لماذا يهجر الناس المدينة؟
- لماذا تكثر الأشباح في قلب المدينة؟
كانت الآمال بعد تحرير المدينة عدن، في صيف 2015م، أن تستعيد عدن أنفاسها وتصنع تجربة دولة جديدة تعيش الحياة والأمن والتنمية والاستقرار وتتكامل مع محيطها، ولكن أمام هذه الآمال كانت هناك أيد خفية قد أعدت خططها وأصدرت أوامرها وجهزت منفذيها وباشرت القتل لا سواه في حارات المدينة.
نكسة أخرى بعد النكسة الأولى مع الاستقلال الوطني 30 نوفمبر 1967م، والذي ظن الناس يومها أنه آخر يوم ستسمع فيه طلقة رصاص في المدينة وأننا بعدها لن نحتفل كل عام إلا بالذكرى لآخر طلقة رصاص في المدينة، وأن جهودنا جميعا ستكون جهود عقلاء، للحياة والتنمية والإعمار في هذه المدينة العالمية، فإذا الظنون تخوننا عاما بعد عام، ليستمر القتل في الأعوام العاقبة للاستقلال، لينتهي عقد الستينات بتصفيات في عاميه الأخيرين، قتل خلالها من قتل، وسجن من سجن، وهجر من هجر.
وظن الناس أن عقد السبعينات سيكون عقد الرشد حيث تخلص الرفاق من مناوئيهم، ولكن المفاجأة كانت مزيدا من الهيجان والعنف الذي استمر بشكل هستيري على مدى عقد السبعينات، الذي شهد حربين بين النظامين الجمهوريين في الشمال والجنوب، ذهب ضحيتها آلاف القتلى والجرحى والمهجرون ومع اشتعال نيران الحروب كانت حوادث القتل والاغتيالات لا تنتهي وظل أركان الجريمة، الآمر والمنفذ ووسيلة التنفيذ أشباحا وكأنهم لا أثر لهم.
وفي عقد الفضيحة، عقد الثمانينات، ازداد سعار القتلة وغيب العقل وكانت الفضيحة الكبرى في عام 1986، حيث أكلت نيران القتل مسعريها وشهد العالم حفلة قتل لا مثيل لها في مدينة لا تزيد مساحتها عن مئة كيلو متر مربع، وكانت مجزرة بكل ما تحمله الكلمة، وضحاياها بعشرات الآلاف قتلى وجرحى ومشردون ومتضررون، وكان هذا هو الانجاز العظيم، الذي قدمت من خلاله المدينة في مشروع الوحدة مع الشمال.
ومع استمرار جرائم القتل والإرهاب وطلقات الرصاص والاختطاف وتدمير المدينة، وتعدد اللاعبين المحليين والدوليين والعبث بحياة الناس، كانت الآمال تجدد بأن تكون هذه الطلقات آخر الطلقات وتكون كلمة للعقلاء والعدالة، ولكن سرعان ما تتبخر هذه الأماني، وكانت الإجابات على الأسئلة تتضح بشكل جلي أكثر وأكثر خاصة مع استجلاب مجرمين محترفين لإرهاب المدينة.
وها هي عدن تترنح بطلقات الرصاصات الأولى التي قتلت الآباء الأوائل مع الاستقلال في الثلاثين من نوفمبر ومستمرة في قتل الأبناء جيلا بعد جيل، ومع كل شهيد يسقط يتمنى المجرمون سقوط المدينة النهائي وانزوائها بعيدا عن موقعها الجغرافي المتميز وأهميتها كمدينة عالمية مسنودة بكثافة بشرية وقدرة فائقة لدى اليمنيين للعلم والتعلم والحياة والبناء.
هذه عدن المدينة والتاريخ ودماء الشهداء تنتظر العقلاء لتحتفل بذكرى آخر طلقة رصاص، وتنعم بالأمن والعدالة والاستقرار.