آخر الاخبار

الرئيسيةكتابات صالح الصريميليست مناسبة للمناكفات

صالح الصريمي
صالح الصريمي
عدد المشاهدات : 1,437   
ليست مناسبة للمناكفات

ليس بالضرورة أن تتحول ذكرى ثورة 11 فبراير، إلى مناسبة للمناكفات، وإنما الأصل أن تتحول إلى مناسبة لمراجعة الأخطاء والسلبيات، التي كانت سببا لقيام الثورة.

ثورة فبراير خرجت لأهداف نبيلة، سلك المواطنون "الثوار" الطرق السلمية، واستخدموا حقهم القانوني والدستوري في التعبير عن رأيهم.

لم تأت الثورة من فراغ، ولم تكن ناتجة عن ترف، وإنما جاءت عن حاجة، بعد مخاض ونضال طويل خاضته الأحزاب السياسية مع السلطة آنذاك.

قبل الثورة كانت هناك توافقات بين الحزب الحاكم وبين المعارضة، سيما فيما يخص التعديلات الدستورية، لكن هذه التوافقات أو الاتفاقيات للأسف كان يتم التنصل منها من قبل الحزب الحاكم قبل أن يجف حبرها، لا زلت أتذكر الوقفات الاحتجاجية التي كان يقوم بها نواب المعارضة، أمام مجلس النواب، والتصعيد الذي حصل نتيجة تعنت الحزب الحاكم آنذاك.

نظمت فعاليات عدة قبل الثورة على مستوى كل دائرة انتخابية، في العاصمة صنعاء وغيرها، كلها كانت تهدف إلى الإصلاحات السياسية، والاقتصادية، لكنها قوبلت بالرفض والاستهتار.

الانتخابات الرئاسية التي شاركت فيها المعارضة، وكان مرشحها المهندس فيصل بن شملان، كانت رسالة سياسية هامة، وهي أن الجماهير، الحاشدة التي خرجت تؤيد بن شملان، لم تخرج من فراغ، وإنما خرجت عن حاجة، كما أن الانتخابات الرئاسية أرسلت رسالة سياسية للحزب الحاكم، كان الأصل أن يستوعبها، لكن للأسف كان يواجه كل فعاليات النضال السلمي بالمزيد من التعنت والاستهتار.

ثورة 11 فبراير كانت عبارة عن امتداد لنضال سلمي استمر لعدة سنوات، من قبل أحزاب المعارضة "اللقاء المشترك"، وفي تصوري، لولا مشاركة الأحزاب السياسية في الثورة لأجهضت الثورة في وقتها، استمرت الثورة السلمية لمدة سنتين، دفع الثوار ثمنا باهضا من دماءهم ثمنا لسلمية ثورتهم.

كانت المظاهرات تمر من جوار المؤسسات الحكومية وغير الحكومية دون أن تتعرض هذه المؤسسات لأذى، اتخذت الثورة أكثر من مسار لتحقيق أهدافها، والتي تحققت على مراحل، وكانت الأحزاب السياسية تتولى الشق السياسي سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ما ساعد على الوصول إلى المبادرة الخليجية، والتي كان من أهم ما نصت عليه، انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهذا بالطبع مكسب من المكاسب، أن يصل الجميع إلى صناديق الانتخابات، واختيار رئيس توافقي كمرحلة من مراحل التغيير، والتبادل السلمي للسلطة.

شكلت حكومة توافقية برئاسة محمد باسندوة، وكانت الأمور تسير بهدوء، نحو تحقيق الأهداف التي ستنتشل الوطن من الأزمات المتعددة التي كان يشهدها، وشهدت العملة استقرارا واضحا وتوفرت الخدمات، وصرفت الحوافز للموظفين، وتم اعتماد 60 ألف وظيفة، كان الحزب الحاكم قام بتوظيفهم قبل تشكيل الحكومة دون أي غطاء مالي، تمت مراجعة العديد من الاتفاقيات المجحفة ذات الطابع الاقتصادي، ومنها اتفاقية الغاز مع الشركة الكورية، واتفاقية شركة دبي فيما يخص ميناء عدن، .... الخ.

وحتى يصل الوطن إلى بر الأمان، عقد من أجل ذلك مؤتمر الحوار الوطني، شارك فيه جميع فئات الشعب، وبينما كان الجميع يتطلع إلى بزوغ فجر جديد للجمهورية اليمنية، كان هناك ثمة من يتآمر على الوطن ويستعد للانقلاب الدموي على الدولة، لقد اعتبروا سلمية الثورة ضعفا، وأن نقطة الضعف هذه يجب أن يتم النفاذ منها عبر انقلاب دموي يقضى على حلم اليمنيين، وحلم كل من شارك في الثورة السلمية، وها نحن نعيش اليوم جحيم الانقلاب الدموي، بعد الانقلاب على سلمية الشعب، وعلى أحلامه، ومصادرة حقه في العيش الكريم.

أخيرا، الكل أصبح اليوم متضرر، ودفع الضرر واجب على الجميع.