آخر الاخبار

الرئيسيةكتابات محمد السامعيتعز.. بين الجراح والكفاح

محمد السامعي
محمد السامعي
عدد المشاهدات : 5,192   
تعز.. بين الجراح والكفاح

وأنت متجه إلى مدينة تعز، إياك أن تأخد معك علبة ماء أو حفنة من الدقيق أو السكر،بل عليك الحذر كثيراً أن تصحب معك أي من مقومات الحياة الأساسية من مياه وغذاء ودقيق لأنك قد تعرض نفسك للخطر ،حيث ستصبح- حينها - متهماً من قبل الحوثيين بأنك شريك في إحياء هذه المدينة التي تعاني من الموت والحصار المستمرين منذ أشهر.

في هذه المدينة التي تشهد مواجهات عنيفة منذ أكثر من سبعة أشهر بين المقاومة الشعبية الموالية للحكومة الشرعية ومسلحي الحوثي، تجد المأساة تتجول بكل حرية في كافة أحيائها و شوراعها وأزقتها جراء الحصار الحوثي المفروض منذ فترة على أحيائها المكتظة بالسكان؛فالحوثيون يمنعون دخول المياه للمدينة ويجرمون إدخال المواد الغدائية إليها،مع تحريمهم الكبير لأي عمليات إنقاذ لجرحى أو مرضى بقليل من الدواء وكأنهم يريدون القول "إنهامدينة لا تستحق الحياة"،فهي رافضة لنا مذ قررنا القدوم إليها قبل أشهر.

كثيرة هي القصص المأساوية التي غزت المدينة الحالمة بحفنة دقيق وشربة ماءوحرية خالية من داء الجهل وحزن العنف ومأساة انعدام الضمير.فقد يدفع الانسان حياته ثمناً لخروجه بحثا عن شربة ماء، وقد يتعرض للموت وهو يبحث عن اسطوانه غاز منزلي أو حطب لطهي الطعام،بل نستطيع القول إن" الحياة فيها أصبحت نوع من المخاطرة والمغامرة في واقع مسلحين منعدمي الضمير. هنا تظن المليشيا أن علبة الماء أخطر من المدفعية،وحفنة الدقيق أشد خطراً من مخازن الأسلحة،وتوقن أن جرعة الدواء أشد فتكاً بهم من الصواريخ ؛ ولن نبالغ إن قلناإنهم يمنعون إدخال اسطوانات الغاز المنزلي وكأنها سيارات مفخخة قد تجتث وجودهم ؛والسبب الرئيس أن كل ذلك في مدينة ترفض الذل والخنوع وتصر على عدم الركوع لمليشيا قدمت من الكهوف والجبال لحكم الجميع بعيدا عن النظام والقانون وحتى الأعراف المعروفة.

يحكي لي أحد الأصدقاءأن قريباً له حاول إدخال بضعة كيلوهات من السكر إلى منزله في المدينة المكافحة الصبورة إلاأن مسلحي الحوثي قاموا بمنعه وصب السكر في الأرض بالقرب من نقطة التفتيش التابعةللمسلحين الذين خصصوها لمنع إدخال أي مقومات الحياة للمدينة.

أشخاص آخرون يحكون قصصاً مأساوية حدثت في المدينة التي تتعرض أيضاً للقصف المستمر بقذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا من قبل مسلحي الحوثي والقوات المساندة لهم حتى وصل بهم الحقد على أبناء المدينة بقصف وقنص النساء والأطفال.

فهذه امرأة قررت الخروج من منزلها بحثاً عن ماء يروي عطش أسرتها إلا أنها لم تعد بسبب قنصها من قبل المسلحين الحوثيين ،وكأنها ارتكبت جرما ًكبيراً بخروجها للشارع بحثاً عن الحياة في زمن من شعارهم الموت والقنص والقتل والحصار لكل رافض للخنوع والذل والحكم المليشاوي.

تعز الحالمة باتت تعيش بالفعل كل صنوف الألم في ظل انعدام كامل لخدمات الكهرباء والمياه وإغلاق معظم المستشفيات والمرافق الصحية التي تعرضت بعضها للقصف الحوثي المستمر بسبب وقوعها في أحياء رافضة لتواجدهم وخاضعة لسيطرة المقاومة.

وما يحزن أيضاً أبناء المدينة هو تهاون وتقصير الحكومة والرئيس الشرعيين رغم الإعلان لمرات عدة بأنها باتت مدينة منكوبة بفعل الحصار والقصف المستمرين فيها منذ أكثر من سبعة أشهر،إلا أنه لم يلمس أي تحرك رسمي يعمل ولو بشكل يسير في سبيل إنهاء الحصار وتحرير تعز بشكل عاجل.

وأمام كل ماذكر يبقى المواطن التعزي مستمر في العيش مع العزة والكرامة والنضال والكفاح والصبر على كل المآسي التي يعيشها أملاً في العيش قريباً بواقع خال من كل صنوف الألم الذي زرعته المليشيا.