آخر الاخبار

الرئيسيةكتابات زايد جابرما تيسر من جرائم الهادي ضد اليمنيين "2"

زايد جابر
زايد جابر
عدد المشاهدات : 1,843   
ما تيسر من جرائم الهادي ضد اليمنيين "2"

عشر أموال المسلمين وتسع أموال أهل الذمة!
استمر الهادي في غزو قرى اليمنيين في صعدة ونهب أموالهم وممتلكاتهم بحرب وبدون حرب وأخذ الخمس منها له ولأبناء عمومته، وحين وجد أن الخمس من الغنائم لم يعد يكفي نفقات مرتزقته ونهم أبناء عمومته في الحجاز، لجأ إلى الزكاة التي تشدد فيها، فأخذ الزكاة من كل ما أنبتت الأرض وإن كان قليلا جدا دون الالتزام بالنصاب المعروف عند الفقهاء.
كما ابتدع الهادي سنة سيئة ظل الأئمة يعملون بها حتى سقوط دولتهم، وهي تقدير الزكاة عن طريق التقدير والتخمين قبل حصولها، الأمر الذي كان يلحق ظلما وغبنا واسعين في الفلاحين، ولم يكتف الهادي بذلك بل إنه ومن أجل مواجهة نفقات جنوده المرتزقة خصوصا الطبريين والحجازيين، كان الهادي كثيرا ما يلزم الرعية بتقديم الزكاة قبل نضوج الثمرة، "انظر: سيرة الهادي صـ352"، الأمر الذي كان يؤدي إلى تذمر ورفض تحول فيما بعد إلى ثورة وانتفاضة ضد الهادي.
لقد أصبح المسلمون يحسدون أهل الذمة من "اليهود والنصارى" - كان لا يزال هناك تواجد للمسيحيين في بعض المناطق التي وصلها الهادي في نجران- الذين لم يكن عليهم من التزامات سوى دفع الجزية وهي مبلغ أقل بكثير مما كان يدفعه المسلمون، ولهذا ظلت أوضاع الذميين الاقتصادية أحسن حالا من المسلمين الذين أضطر كثير منهم لبيع أراضيه لأهل الكتاب الذين ليس عليهم عشر ولا ضيفة للمجاهدين ولا معونة على الجهاد.
وقد شعر الهادي أن شراء أهل الكتاب لأراضي المسلمين سيحرمه من العشر، وهنا كان لابد أن تتقدم مصلحة الهادي السياسية على كل ما تعارف عليه المسلمون منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فالهادي ابن رسول الله وله أن يخالفه بما شاء، وإذا كان قد فرض على المسلمين ما لم يفرضه الله ورسوله عليهم، فلم لا يفعل ذلك مع أهل الذمة؟
لهذا سن أحكام جديدة في أموال أهل الذمة وأراضيهم، فقد كتب إلى عماله أن يجمعوا أهل الذمة ويخبروهم: "أنهم قد شغلوا أرض الله وأمواله عن العشر، وأنه لا يجوز لنا ترك ذلك في أيديهم، فتخيرونهم: فإن أحبوا أن يبيعوا ما اشتروا من المسلمين هم وآباؤهم وأجدادهم حتى ترجع أموال الله إلى العشر الذي جعله الله على المسلمين معونة للإسلام وأهله فيفعلوا، وإن أحبوا أن يقيموا عليها ويتركوا فيها، على أنهم يصالحوننا عوضا من العشر على التسع مما يكال بالمكاييل مما يسقى بالعيون أو بماء السماء، أو على نصف التسع مما يسقى بالسواني والدوالي ويؤخذ منهم ذلك في القليل والكثير والمد والذهب؛ فأي هذين المعنيين أحبوا فافعلوه لهم، فإذا صاروا إلى أحدهما فذمة الله وذمة رسوله في رقاب المسلمين لأهل الذمة، ولا يكلفون كلفة، ولا يغرمون غرامة، ولا يساء إليهم بحيلة"، "انظر: مجموع رسائل الإمام الهادي، مرجع سابق، صـ 543- 544"، ولم يكن أمامهم من خيار سوى أن يختاروا، وكان الخيار الثاني هو أخف الضررين، وهكذا أصبح المسلمون يدفعون العشر إلى جانب التكاليف الأخرى التي يطلبها الهادي، وأهل الذمة يدفعون التسع إلى جانب الجزية للهادي وعماله، زاد دخله قليلا، لكنه لم يكن كافيا لمتطلباته وطموحه، لهذا عاد إلى الزكاة التي كان يجمعها من الفلاحين فحرم الفقراء والمساكين من اليمنيين الذين هم معه ورعيته من نصيبهم الشرعي منها، ليصرفها على الجنود المرتزقة والأعمال العسكرية.
وحين وجد أنها لا تكفي أيضا، قام بفرض أموال غير الزكاة يتوجب على اليمنيين دفعها إليه ليتمكن من قتال إخوانهم اليمنيين وبقية المسلمين الذين لم يدخلوا في طاعته! ومع ذلك فان بني عمومته في الحجاز لم يصدقوه ولم يرضوا عنه، لقد فعل الهادي كل ما عليه، لكن النتيجة لم تكن بحجم التوقعات فاليمن "ليس بها مال يقوم ببعضها، وساكنها عريان غرثان جائع"، كما قال في قصيدته لأبناء عمومته، ولكنه يطلب منهم أن لا ييأسوا، فالدنيا دول وقد يفتح الله عليه فيتمكن من غزو العراق كما كان يحلم فيحثوا المال حثيا:
بني عمنا الدنيا تدور بأهلها... وأيامها عوج هديتم رواجع
فلا تيأسوا منا لعل أمورنا... سيعقبها دهر موات متابع
فللدهر حالات تغلب أهله... فتخفض متبوعا وترفع تابع
وليس أخو الأيام إلا مناظرا... عواقبها لا أعوج الرأي جازع
فمن كان في شيء تنظر ضده... فللشيء أسباب إليه تسارع
لكن الله جلت حكمته كان رحيما بعباده، فقد فشل مشروع الهادي لغزو العالم الإسلامي ومات محصورا في صعدة، والتي دفع أبناءها خاصة وأبناء اليمن عامة ثمنا باهضا للمشروع العنصري للهادي حتى اليوم!

- ملاحظة: مصطلح "أهل الذمة" هو مصطلح فقهي قديم لا ينسجم اليوم مع دولة المواطنة التي لا تفرق بين المواطنين بسبب الدين أو المذهب أو العرق... الخ.