آخر الاخبار

الرئيسيةكتابات ناصر يحيىلليمن الواحد.. لا للرئيس هادي!

ناصر يحيى
ناصر يحيى
عدد المشاهدات : 5,909   
لليمن الواحد.. لا للرئيس هادي!

 يسهل تصديق أن الحوثيين صاروا يترضون على صحابة مثل معاوية وعمرو بن العاص؛ لكن هذه الحمية التي يبدونها ضد الأقاليم الستة يصعب تصديق أنها غيرة على الوحدة اليمنية وخوفا من تفكك اليمن.. ولعل ردود أفعال اليمنيين (نعم الشعب اليمني وليس الشعب الحوثي) الرافضين للانقلاب والتحالف الحوثي الصالحي في أقاليم عدن وحضرموت وسبأ والجند وتهامة (حتى وإخوانهم في إقليم آزال المنكوب الذين لن يترددوا باللحاق بهم!) هذه المواقف تؤكد أن فكرة الأقاليم الستة تحظى بموافقة الأغلبية تماما كما أن معظم مكونات مؤتمر الحوار وافقت عليها. وها هم الرافضون للانقلاب في جميع البلاد يتنادون للتمسك بالأقاليم الستة إلى درجة استعدادهم لفك ارتباط مناطقهم بصنعاء المخطوفة.

 

وبمعنى آخر فإن رفض فكرة الأقاليم الستة صارت هي المشكلة الآن والخطر على الوحدة، وستكون لا قدر الله هي السبب في تقسيم اليمن إلى قسمين: الأول يضم الأغلبية الرافضة للخضوع لمنطق الانقلاب. والآخر يضم الأقلية التي تجد أن الأقاليم الستة تجردها من حقها التاريخي في الهيمنة! والحسم بين الطرفين لن يكون إلا بالدماء والحروب الأهلية التي لن تتوقف أبدا!

 

  فكرة الأقاليم الاتحادية الستة لمن يتجاهل إيجابيتها أضعفت القوى الحراكية الانفصالية (المفارقة أنها قريبة جدا من الحوثيين!) ورفعت من أسهم القوى المؤيدة لبقاء الوحدة.. وها هم هؤلاء منذ اقتحم الحوثيون صنعاء وغيرها وكشفوا عن موقفهم الحقيقي تجاه القضية الجنوبية؛ صاروا بين نارين أخفها: إعلان فك الارتباط بصنعاء الحوثية في إطار فكرة الأقاليم نفسها والتعاون مع الأقاليم الشمالية الاخرى الرافضة للانقلاب.. أو إعلان انفصال كامل.. وليهنأ الحوثيون وجماعة علي صلح بقرارهم، وإن كانوا سينشغلون حتما للحفاظ على وحدة إقليم آزال الذي لن يخضع لهم!

 

[2]

   هذه الانتفاضة الشعبية الرافضة للانقلاب الحوثمري لا ينبغي أن تبدو وكأنها فقط غيرة على الرئيس هادي. بل من أجل اليمن الواحد الجديد، والشعب الواحد الحر الكريم.. ومن حسن حظ هادي أنه فقط كان يمثل الشرعية الدستورية.. وصحيح أنه تأخر كثيرا جدا في التحرك الجاد في إنقاذ البلاد، لكن أصالة هذا الشعب وعشقه لليمن والوحدة جعلته يتناسى السلبيات الخطيرة للسلوك السياسي لهادي منذ جرائم دماج، وفي طريقة إدارته للبلاد بعد مؤتمر الحوار حتى أوصل البلاد إلى هذه الحالة البائسة، ومن ثم فإن التمسك بشرعية هادي الغرض منها هو قطع الطريق على الانقلاب، وإعلاء صوت الأغلبية الصامتة التي خذلها الساسة وسلموا رقاب اليمنيين لسيوف الوشاح!

 [3]

    كان يمكن لاستقالة عبد ربه هادي أن تكون أكثر دويا وفعالية لو أنه حدد بالاسم ليس المكونات السياسية التي خذلته وفق زعمه، ولكن المكونات السياسية والعسكرية التي حاصره مسلحوها وقتلوا 11 من أهله وآخرين من حراسته، وأصابوا العشرات. وحاصروه في منزله واقتحموا دار حكمه، وفعلوا من الإهانات بحقه ما لم يحدث مع رئيس إلا وقت قتله.. ومن قبل ذلك أسقطوا الدولة وفرضوا واقعا سياسيا يقوم على القوة والبطش والاستفراد بالسلطة، وإقصاء الآخرين، وتحويل الشراكة إلى نكتة سمجة أو جثة يدوسونها تحت أحذيتهم!

 

    استقالة هادي كانت حجرا ألقي في الماء الراكد. لكن كان الأفضل لو صمد وفضح كل شيء. وكان يكفيه إصدار قرارات شاملة يعيد بها تعيين المسؤولين المدنيين والأمنيين والعسكر في كل أنحاء البلاد، ويشرك فيها جميع الموقعين على اتفاق السلم والشراكة على قدم المساواة؛ فيفضح بذلك المتشدقين بالشراكة ويكشفهم أمام الشعب!

 

     على ذكر البكاء والشكوى من الخذلان الذي ورد في استقالة هادي، تذكروا أن هادي هو الذي قال قبل أيام من الانقلاب عليه إن الثورة الشعبية الشبابية عام 2011كانت كارثة.. وحتى لو كان يقصد دون وعي أنها كارثة لأنها جاءت به إلى السلطة فالخذلان الحقيقي هو خذلان ملايين اليمنيين الذين خرجوا في مسيرات الاصطفاف في كل المحافظات،وخاصة في شارع الستين بجوار منزل هادي نفسه؛ يتحدون مليشيات الحوثيين المحاصرة لصنعاء وهادي ثم كان مصيرهم الخذلان، وأن يوصفوا أنهم كارثة!

 

   لا يصدق كثيرون حكاية الخيانة والتآمر مع الحوثيين المحاصرين لصنعاء وتسهيل اقتحامهم لها بإشراف وزير الدفاع السابق ابن بلدة الرئيس وصديقه الحميم. وإذا أردتم دليلا نفسيا على الخذلان فتأملوا في الصور التذكارية لحفل توقيع اتفاق السلم والشراكة، ولاحظوا حالة الارتياح والسعادة المرتسمة في وجه هادي والابتسامة على وجهه وهو يتابع التوقيع:

 

   فبالله عليكم.. هل هذا وجه رئيس دولة اقتحمت مليشيات مسلحة خارجة عن القانون عاصمة دولته وسيطرت عليها، واستولت على أخطر معسكرات الجيش والأمن والوزارات السيادية فيها، وبدأت في مصادرة وترحيل أسلحة الجيش اليمني إلى معاقلها، وأسقطت معها السلطة أو الدولة كما نسميها في اليمن؟

 

  كيف قدر هادي ساعتها على رسم تلك الابتسامة والظهور بتلك الحالة المفتهنة التي يحسده عليها أرباب الصوفية في خلواتهم، ولم يتمعر وجهه الغضب والتكشيرة المشهورة عنه؟ وكأن المناسبة لم تكن مناسبة استسلام كما فهمها الناس البسطاء فورا.. وكما فهمها هو فقط ولكن بعدما وصلت الشرارة إلى منزله وقتلت أقاربه.. على أساس أن الذين قُتلوا وهم يدافعون عن صنعاء ومن قبلها عمران ليسوا من أهله ولا يستحقون أن يغضب الرئيس من أجلهم فضلا عن أن يقدم استقالته شاكيا من الخذلان.. أو يكشر على الأقل وهو يظهر في التلفاز بجوار قادة الاقتحام الحوثيين! أو كأن المعسكرات والبيوت والجامعات والمؤسسات التي اقتحمها الحوثيون واستولوا عليها وعلى ما فيها هي من غنائم اليهود والنصارى الحلال مصادرتها دون أن يغضب الرئيس ويشعر بالإهانة والحاجة للاستقالة؟

 

[4]

    لأنها ليست استقالة ناجزة كما يروجون لها، ومن القلب كما يقال؛ فقد تركت الباب مفتوحا للعودة بعد تخفيف الشروط المجحفة، ومراعاة بعض احتياجاته ومستلزمات إتيكت الرئاسة والشراكة بينه وبين الحوثيين بعد أن بدأ الحوثيون ينسون ذلك، ويتصرفون وكأنهم وحدهم أصحاب القسمة بحيث تكون القسمة على واحد وليس على اثنين وإلا فإن الجواب هو.. إعلان البيان الأول.

   ليست استقالة ناجزة ولا حقيقية (حتى يثبت العكس بالطبع).. ولو كانت ذلك لما نسب له أنه يدعو إلى ضبط النفس.. لماذا؟ هل سمعتم أن رئيسا مستقيلا بجد وصدق يدعو الشعب إلى ضبط النفس؟ لا يبقى إلا أن يدعوهم لأداء عمرة الربيع، وصيام الاثنين والخميس، وسرعة تسديد فواتير الكهرباء والمياه، والمحافظة على البيئة والقيام بحملة نظافة لشوارع العاصمة والمدن!

    

[5]

   فلينتبه الجميع: هناك خشية أن تتم تسوية سرية برعاية الكاهن جمال بن عمر لتخفيف الشروط والمطالب مع إبقاء الوضع على الأرض كما هو! فليكن أي اتفاق واضحا أن يتضمن التالي:

1- البدء فورا وقبل كل شيء بسحب كل المسلحين الحوثيين من كل المدن والمؤسسات وعودتهم إلى صعدة وقراهم خلال يوم واحد فقط.

2- تسليم المؤسسات الإعلامية الرسمية للدولة وعودة إداراتها السابقة وموظفيها إلى أعمالهم فورا. والبدء في تسليم الأسلحة المنهوبة فورا إلى معسكرات الجيش والأمن.

3- إعلان عدم علاقة الحوثيين بموضوع مواجهة تنظيم القاعدة وأن الدولة هي المسؤولة عن ذلك.

4- إعلان الحوثيين بأن قبولهم أن الشراكة تعني مشاركة الجميع بالتساوي في إدارة الدولة كلها، ووفق مقررات مؤتمر الحوار، وبدءا من صعدة وعمران تحديدا وإعادة ترتيب الأوضاع في المحافظتين بما يتفق مع الشراكة بين الجميع كدليل على حسن النية من قبلهم.

 

  هذه شروط ضرورية لأي اتفاق جديد، وبغيرها فكل ما يحدث هو إعادة للفوضى وتسليم البلاد كلها للدمار والحرب الأهلية الصريحة!