آخر الاخبار

الرئيسيةكتابات عبد الملك شمسانكبار كأحلام الأطفال

عبد الملك شمسان
عبد الملك شمسان
عدد المشاهدات : 7,569   
كبار كأحلام الأطفال

الإصلاح نسي نفسه، لم يعد يفكر بواقعه كتنظيم، ولا مستقبله كحزب.. تماهى مع الوطن وذاب في قضيته المفصلية التاريخية.. كل من اصطف ضد الانقلاب المسلح ومشروع الحكم الإمامي فهو إصلاحي في نظر الإصلاح، والإصلاح معه..

العسكري والأمني والمدني، الهاشمي والقحطاني، الشرقي والغربي، الجنوبي والشمالي، القبيلي وغير القبلي، السلفي والصوفي وما سواهما، الإسلامي والعلماني، اليساري واليمني وما بينهما، المتدين وغير المتدين، لا فرق عند الإصلاح اليوم بين أي منهم بناء على هذه التوصيفات، والعبرة عنده بالموقف من الوطن حاضرا ومستقبلا، فإما دولة الشعب اليمني التي يحكمها بصندوق الانتخابات، وإما دولة "الحق الإلهي" المزعوم التي تحكمها أسرة واحدة بصندوق الرصاص!!

بل الإصلاح وجد نفسه.. وجدها في هذه اللحظة المفصلية الوطنية الجامعة، وليس مستعدا لفقدها أو التنازل عنها بالتهاتر العقيم مع أي طرف أو شخص، وليس مستعدا للانصراف عن هدف اليوم الجامع لكل أبناء البلد والتحول عنه إلى قضايا فرعية أو جانبية أو شؤون شخصية، مهما كثر الصواب في نظر أصحابها، ومهما بدت المبررات عندهم منطقية، ومن ينأى بنفسه عن هذا ابتداءً، فالأولى أن لا ينجر إليه استجابة أو ردة فعل!!

ملايين من الأطفال والنساء محاصرون في تعز وينتظرون الفرج، ملايين مشردون من البيضاء ومناطق الوسط، ملايين مكبوتون في صنعاء وبقية المناطق التي ما تزال تحت حكم المليشيات وينتظرون لحظة القدرة على قول كلمة "لا"، ملايين في المحافظات الأخرى يعيشون قسوة الأوضاع انتظارا لتمام نعمة الفرج على كل الوطن، ملايين محرومون من العمل، ملايين من الأطفال والشباب ينتظرون لحظة الاستقرار ليعودوا إلى مدارسهم وجامعاتهم، ملايين من المرضى لا يحصلون على العلاج والدواء، ملايين من المغتربين ينتظرون لحظة العودة، والآلاف الآلاف ينتظرون اللحظة التي يلقون فيها بسلاحهم وراء ظهورهم، وعشرات الملايين يحثون الخطى نحو لحظة الخلاص من هذا الوباء الجاثم على صدر وطنهم ليتنفسوا عبق الحرية والشعور بالاستقرار والنظر إلى المستقبل وقد صحا وانجلت عنه الغيوم السود..

معاناة تفوق الوصف، وشدة استجمعت كل قوتها لتفتك بالمواطن واستجمع هو كل قوته لتجاوزها.. ما يحدث ليس ترفا ولا تسلية، ولا الناس بصدد أهداف مصنوعة من التمر يعبدونها فإذا جاعوا أو ملّوا منها أكلوها، وفرض العين على النخب المثقفة والمتعلمة أن لا تنصرف عن هذا المواطن إلى قضايا جانبية، وأولى بها أن لا تيأس من أن تكبر كأحلام صغاره!!