آخر الاخبار

الرئيسيةكتابات محمد عيضة شبيبةذم تقبيل القدم

محمد عيضة شبيبة
محمد عيضة شبيبة
عدد المشاهدات : 1,661   
ذم تقبيل القدم

قطعا لم يأتِ الإسلام ليُهِينك، ولا ليمرغ أنفك عند موضع الحذاء، ومن ظن أن الإسلام شرّع تشريعات من شأنها أن تزدريك وتحط من قدرك فقد أساء للإسلام نفسه، قال الله تعالى: "ولقد كرّمنا بني آدم".
وإنَّ مما يتنافى مع الكرامة أن تجد إنسانًا يهوي تحت قدم إنسان مثله فيقبلها ويلثم باطنها وظاهرها ثم تجد من يزعم أنه يسير على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ويتظاهر بارتداء ثوب التواضع الكاذب يحلو له أن يفعل معه الناس مثل هذا الصنيع المشين! بل ويربي أتباعه عليه وتدنوا منزلتهم منه كلما زاد خضوعهم بين قدميه!
أتفّهمُ أن تُقَبل إنسانًا كبيرًا في السن على رأسه أو فوق جبهته أو على ناصيته بشرط أن لا يتطلع هو لذلك وألا تكون منك وله عادة، لكن أن تهبط على وجهك لتقبل قدم هذا أو ركبة ذاك بحجة أنه السيد، أو المولى، أو العالم، أو الشيخ، أو الحبيب، أو الداعية، فهذا يدل على أنك تستعذب الإهانة وتعاني من مشكلة عدم احترام ذاتك وكرامتك!
أما هذا الذي يرضى منك صنيعك هذا له، بل ويستحليه فهو عبارة عن إنسانٍ مليء بالكبر وحب استعباد الناس، ولو غطى هذا المرض بالمشروعية المزعومة.
ماذا في الركبة أو القدم حتى يلثمها الفم غير صورة مقززة من ذل الإنسان وامتهانه؟
هذا أفضل الخلق قاطبة صلى الله عليه وسلم يقول عنه أصحابه رضي الله عنهم "ما كان من أحد أحب إلينا من رسول الله وما كنا نقوم له لعلمنا أنه يكره ذلك".
وخرج عليهم ذات مرة وهو يتوكأ على عصاه فقاموا له فكره ذلك منهم وعرفوا غضبه في تغير ملامح وجه ثم قال: "لا تعظموني كما تفعل الفرس مع ملوكها".
ووصفوه ذات مرة فقالوا أنت سيدنا فقال: "السيد الله.. لا يستجرينكم الشيطان" أي لا يقودكم إلى الغلو في الأفراد ويسهله عليكم.
وكان صلى الله عليه وسلم يجلس حيث انتهى به المجلس ولا يتطلب صدر المكان!
ليس بمستغرب في واقعنا الرديء أن ترى صاحب المنصب أو المال يحب من الناس مظاهر الخنوع لشخصه ونصف العبودية لذاته، وأن يتمرغوا بين يديه وقدميه، لكن أن يرضى بهذا الصنيع من يدعي العلم والتأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم، بل ويتباهى بتصوير صور الذل ومقاطع امتهان آدمية الإنسان بين الأقدام فوالله ما هذه أخلاق الرسول ولا آداب الإسلام!
قالَ رجلٌ يا رسولَ اللَّهِ الرَّجلُ منَّا يلقى أخاهُ أو صديقَه أينحني لَه قالَ لا قالَ أفيلتزِمُه ويقبِّلُه قالَ لا ولكن تصافحوا.
فترفعوا يا أهل اليمن، وصونوا كرامتكم ولحاكم فأنتم أول من جاء بالمصافحة.