وجهة نظر شخصية
عدنان العديني
عدنان العديني

النتائج الأخيرة للصراعات لا تكون مرضية على الدوام وكثيرا ما تتحول إلى مشكلة بحد ذاتها وأسوأ ما فيها أنها وبسبب تعاظمها قد تغطي على الغاية التي حكمت قرارك الأول وتحجبه وتنسيك الكيفية التي ابتدأ فيها الصراع وجذوره والأسباب التي فرضت الحرب، تحت ضغط اللحظة الأخيرة والاستسلام لمنطق الخروج منها مهما كلف الأمر، يحدث القفز إلى المجهول، والأمر التالي لكلمة مهما والقابل للتضحية ليس إلا القضية المركزية والتي احتشد حولها المناضلون وتحت لوائها سال نهر التضحيات طيلة الفترة الفاصلة بين بداية الحرب وحتى الآن.

هذا المنطق المحتكم للنتائج وإن بدا أكثر واقعية إلا أنه لا يفضي لحل مرضي ولن يحررك من إكراهات الراهن الذي تود الفرار منه إلا بقدر ما يعالج الأسباب التي أفرزته، لن يكون الاعتراف بما وصلنا إليه حلا لمشكلة الحوثية على سبيل المثال في بعديها: التفوق الديني والسلاح الخادم لها، ولن نستعيد الجمهورية اليمنية إذا ما منحت نقائضها الاعتراف.

فالواقع الذي يتحكم بك لن يمنحك واقعا آخر محكوم بك وبإرادتك، سيخضعك لمنطقه الاستسلامي في سلسلة تنازلات تخصم من قضيتك ومنك ويباعد المستقبل الصحيح ويبدلك عوضا عنه مستقبل على مقاس القوى المالكة للسلاح، يمكن للواقع أن يضطرك لتكتيك ما لكنه لا يجبرك على نسيان قضيتك إلا حين تريد ذلك فالقضايا النضالية تزداد رسوخا بتزاحم التحديات ويثبت الإيمان بها حين تغيب أو تُغَيب فالكفاح الإنساني يهدف لصناعة ما ليس بقائم وعلى أنقاض الموجود.

قد لا يكون من السياسية الإصرار على مسلك وحيد في المواجهة والنضال إلا أن ما هو منها وفي قلبها أن الأدوات وظروف المراحل لا تلغي الغايات التي حكمتك حين قررت أن تقوم بشيء في وجه واقع ترفضه وهي لحظة بالتأكيد لم تكن الغايات في متناول اليد ولا سهلة المنال، فالدولة اليمنية بنظامها الجمهوري لا تفقد جاذبيتها بانتفاش الإمامة والتقسيم للدولة فمع الأضداد تبرز أهمية ما نؤمن به.


في السبت 14 يناير-كانون الثاني 2023 10:30:53 م

تجد هذا المقال في سهيل نت
https://suhail.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://suhail.net/articles.php?id=1017