|
الدلال والدعم، متعدد الأوجه، بما في ذلك الدعم العسكري والمالي والسياسي، الذي حظي به الانفصاليون منذ سنوات جعلهم يرفضون الآن ما كانوا يتمنون سماعه من قبل.
الدكتور العليمي، في مقابلته الأخيرة، قال كل شيء سيطرح على الطاولة؛ ويقصد بما في ذلك موضوع الانفصال، مع أن التفاوض والحوار حول موضوع الانفصال يجب أن يكون مرفوضًا بشكل قاطع ودائم وحاسم.
وتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ غير مقبول في كل البلاد العربية وهو غير مقبول في اليمن بالتأكيد؛ ولا يخرج تبني مشروع الانفصال والتعاطي معه في اليمن، عن الخيانة الوطنية العظمى، وكل التعبيرات المائعة، والمشاريع المشبوهة، التي روجت للانفصال منذ مؤتمر الحوار، وأثناء ذلك المؤتمر، والأحداث والتطورات التي شهدتها اليمن في الفترة الماضية لا تغير هذا المبدأ.
وبعد كارثة الغزو الحوثي وسقوط العاصمة الذي آزره وأيده دعاة الانفصال - كما أيدوا المشروع الحوثي من بدايته- وكل ما أسفر عنه الغزو الحوثي من مآسي غير مسبوقة في التاريخ اليمني، لم يبقِ من القضية الجنوبية، التي كانت في الأصل قضية حقوق ومطالب، سوى مشروع دعاة الانفصال، وهو مشروع سلطة وسيطرة وهيمنة لأشخاص وجهات، لا أكثر.
ولا يخلو مشروع الانفصال من تحقيق رغبات خارجية، بل لعل البعد الخارجي مؤثر فيه كثيراً، وقد كان البعد الخارجي في موضوع تقسيم اليمن، منذ عهد الاستعمار، مؤثراً وفاعلاً وخطيراً ومرفوضا، وما يزال.
والقضية اليمنية، بعد الغزو الحوثي الذي نتج عنه أخطر مأساة إنسانية في العالم، خصوصاً في المناطق التي يحتلها الحوثي أو يحاصرها، قد جبت ما قبلها، بما في ذلك القضية الجنوبية، حيث صارت القضية اليمنية في كل بقاع الدنيا وكل المحافل هي العنوان والبيان، وهي الأعمق والأشمل والأصل، ولم يبق من القضية الجنوبية إلا ما يراد به المجاملة والاستغلال لمصالح خاصة أو فئوية، وإعاقة مواجهة الحوثي، وترديد عبارات محفوظة مثل قضية عادلة وخلافه.
الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه هو وحده المسؤول عن وحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه ولن يقبل اليمنيون تقسيم بلادهم تحت أي ظرف وأي ضغط وأي رغبة وأي ثمن وفي أي وقت؛ وغير مقبول تقديم ضمانات من أي جهة خارجية، ويجب رفض أي مفاوضات يكون ضمن أجندتها نقاش موضوع الانفصال.
ومن ذا الذي يملك من دول الإقليم أو غيرها الحق في أن يقدم ضمانات يكون موضوعها طرح تقسيم اليمن، ولا يحق لأحد الحديث عن ذلك أو التلويح بقبوله كائناً من كان وأياً ما كانت رتبته وصفته؟
وفي الوقت الذي ننظر إلى مشروع الحوثي باعتباره شراً وخطراً بلا شك ولا ريب، فمشروع الانفصال لا يقل خطراً وشراً وقد يزيد على خطر الحوثي في المدى المتوسط والبعيد، ودعك عن الدعاوى والمزاعم التي تتبنى خلاف ذلك وتقلل من خطورة مشروع الانفصال، فهي دعاوى ومزاعم زائفة وممولة من الخارج في غالبها، وساذجة فيما يستند منها إلى حسن النوايا.
في الأحد 26 فبراير-شباط 2023 09:55:28 م