|
أصبح من الواضح فشل الحوثيين في استقطاب المزيد من الأتباع، المؤمنين بمعتقداتهم في الحركة، وأصبح الاستقطاب كبيرا للفقراء والشباب العاطلين عن العمل أكثر، في المقابل بدأ التحرك القبلي في محافظة الجوف ومأرب-على وجه الخصوص- لمواجهة جماعة الحوثي، ومنع تمددها أكثر في تلك المحافظتين، ويعول على القبائل كثيرا في إدارة المشهد اليمني، بعد أن عمل علي صالح على استعادة تلك القبائل لدورها، الذي كان الرئيس السابق الحمدي قد حاول تقليصه فيما مضى، وكان حرص صالح على تفعيل دور القبيلة لضمان ولائها له وتدعيمها لأركان نظامه، واعتبر بعض المحللين السياسيين إن ما يحدث في أرض الواقع هو فشل لمشروعهم القائم على الفرز الطائفي، بعد رفض الأغلبية في المحافظات اليمنية المختلفة لمشروعهم، وخروج المظاهرات المنددة بانقلابهم، وعلى وجه الخصوص في محافظة تعز وعدن، فتلك المدينتين منفتحتين على مختلف الثقافات بشكل كبير، وبالتالي فالطائفية لا تلقى رواجا كبيرا هناك، وقد تم الحديث إعلاميا عن شبكات التجسس الإيرانية التي استقطبت خلال الأعوام السابقة عددا من الأكاديميين والمثقفين وبعض الشباب في تعز وعدن، إلا أن الشباب هناك يتطلعون إلى الأمام، لا التقهقر والعودة إلى الوراء.
داخليا ونتيجة لممارسات جماعة الحوثي المستهجنة، والتي تمثلت بالاختطاف، والتعذيب، وقمع الحريات، وتعطيل التسويات السياسية منذ عام 2011م لحصد المزيد من المقاعد في التمثيل السياسي، كما أكد على ذلك العديد من المطلعين، ومحاولة إخضاع المناطق الشمالية لسيطرتهم بالقوة، والوقوف في وجه الشرعية والحكم بمنطق الأقوى، ازداد الرفض الشعبي للممارسات تلك الجماعة، الخارجة عن المنطق، وعدم الاكتراث لإرادة الشعب اليمني الذي يطمح بالاستقرار، والدولة المدنية، لا دولة العصابات، فلقد تدهور وضع البلد في مختلف الجوانب، ووسع من حجم الهوة بيننا وبين العالم الذي يتسابق والزمن للتقدم.
خارجيا فشلت جماعة الحوثي في خلق تعاون فعال مع مصر أو إيران وفي روسيا كذلك، وكان تعاطي تلك الدول معهم متواضعا للغاية، وصدرت مواقف عربية وغربية مختلفة مؤيدة للشرعية في اليمن، لكن هذا لا يعني أن تلك الدول لن تلهث وراء مصالحها والتي قد تجدها في هادي أو ربما الحوثين، وفي اليمن الموحد أو ربما اليمن المجزأ، لكن بعيدا عن هذا وذاك، أصبحت على يقين بأن الشعب قد سئم من أن يقتات من صدقات تلك الدول، ومن كل القادة الذين اعتادوا على جعل الوطن من أملاكهم والشعب عبيدا لهم.
إن محاولة جماعة الحوثي تغطية فشلهم بالتمدد العسكري والولاءات، لن ينسي العالم أجمع فشلهم الذريع سياسيا، على الرغم من المكتسبات السياسية التي حققوها، منذ إعلان تشكيل مجلس انتقالي رئاسي لإدارة البلاد في 2011م، والذي مثل مختلف الاطياف السياسية باستثناء الحوثيين، إن نجاحاتهم العسكرية تجابه بفشل سياسي ذريع يعجل من دنو أجلها، إلا إذا استمر تحالف الحوثيين وصالح وسعيهم نحوالانقضاض على كل المدن الشمالية، وانفصال الجنوب بتواطؤ دولي خارجيا ومع الرئيس هادي الذي جعل أغلب الشعب اليمني ثقته فيه. إن ما يحدث تتضح معالمه أكثر وأكثر لدى المواطن على الرغم من محاولات تضليل الرأي العام، والاستقطابات الكثيرة التي تقوم بها مختلف الجماعات المتصارعة في اليمن.
لكن الأسئلة التي تفرض نفسها هي، هل إيران الدولة المعنية بتلك الجماعة ستسمح بانهيار مشروعها في اليمن؟ وهل تسعى بالفعل- كما قيل- إلى تشطير اليمن؟ وقد وردت مرات كثيرة على لسان علي سالم البيض تأكيدات بشأن الدعم الإيراني للحراك الجنوبي، وبالتالي فإن إيران ستكون قادرة على بناء علاقة صداقة مع الجنوب، الذي كان قبل الوحدة اليمنية يرعى المصالح الإيرانية، وبعد تمكنها من شكال اليمن عن طريق الحوثيين، سيكون لها اليد الطولى في بث حالة من عدم الاستقرار في المنطقة العربية.
لقد أصبح من الصعب التكهن بمستقبل اليمن بعد أن تبين لنا بألا أخلاق في السياسة في اليمن، ولعدم توفر قناعات ومبادئ تجري وفقا لها الانتماءات، فتجد الولاءات تتبدل بين ليلة وضحاها سواء في مواقف السياسيين أو العسكرين وحتى على مستوى المواطن البسيط، ويبقى هناك استثناءات بالطبع تدفعنا إلى عدم التعميم. وشراء جماعة الحوثي للولاءات، يجعل الحركة هشة أكثر في أعماقها، وبالتالي فإن انهيارها سهل للغاية، مهما طال أمد طغيانها واستبدادها، ومهما حاولت أن تغطي على فشلها بتهديدها، أو قمعها، فهي تواجه الشعب الذي يرفضها وممارساتها.
في الإثنين 23 مارس - آذار 2015 11:19:52 ص