|
كأن تعز خلقت لتعلمنا كل شيء، تهب لنا خبراتها بالمجان، تعلمنا في المدارس، وفي مؤسسات العمل والإنتاج، وفي ساحات العمل السياسي والإعلامي والثقافي، ومؤخرا في ميادين القتال والدفاع عن الوطن والدولة والجمهورية، ولم تنسى وهي تحارب أن تعلمنا كيف نحافظ على الأمن وسكينة المجتمع في زمن الفوضى والانفلات.
في عام 2015 حشد لها الانقلابيون ما بحوزتهم من المليشيات والسلاح، وفي اعتقادهم أن اجتياح المدينة لن يستغرق وقتا طويلا، لكن تعز كان لها رأي آخر، لقنتهم من خلاله درسا لم ينافسها فيه إلا مأرب.
عندما فشل الانقلابيون في اقتحامها، قرروا حصار المدينة، ومنع الغذاء والماء والدواء عن سكانها، للضغط على المقاومين كي يخلوا المدينة للمليشيات، فرفضت تعز الانكسار، وقررت الاستمرار في المقاومة، والصمود في وجه الحصار، رغم الخذلان الذي تعرضت له، ومع ذلك حاربت ببسالة، وابتكرت الحلول لكسر الحصار المفروض عليها.
من ثمان سنوات وأكثر، تُدبر المكائد لهذا النموذج الفريد في المقاومة والصمود، المحاط من كل الاتجاهات بالمختلفون المتفقون على تعز، وفي أحسن الأحوال المبتهجون بما يحاك ضدها، ليشكل هذا التربص بأمنها الداخلي ضغطا كبيرا على المحافظة المكتظة بالسكان، إلى جانب ضغط الحرب والحصار.
لكنها تعز، لم تستسلم في البداية، ولن ترضخ اليوم وقد صار لديها من القدرات والإمكانيات ما يمكن أجهزتها الأمنية من كشف الخلية الإرهابية التي قتلت المسؤول في المنظمة الأممية بعد أقل من ست ساعات، وضبطهم في ظرف 24 ساعة.
تبدو المحافظة هذه شديدة وهي تصد المعتدين، وتحبط المكائد التي يخطط لها المجرمون من هنا وهناك، وقاسية عندما تحرج الذين سارعوا لإدانة تعز قبل إدانة الجريمة، تعلمهم أن اللؤم أيضا يحتاج ذكاء، وأن تعز لم تعد تلك التي يعبر منها الطامحون إلى أحلامهم.
في الإثنين 24 يوليو-تموز 2023 09:07:20 م