|
بين 2014، و2024م، عشرة أعياد فطر تستهل التحقيب التاريخي للشتات اليمني والانقسام والتشظي الذي لم يتوقف بعد.
عشرية سوداء شهد اليمن خلالها أحداثا جساما بدأت بالانقلاب الحوثي على الدولة وإسقاط مؤسساتها، مرورا بحروبه المدمرة على المحافظات وما نتج عنها من انقسامات وصراعات وتشظ وانهيار للأمن وتدهور للاقتصاد والحالة المعيشية الصعبة.
سبع اتفاقيات تمت خلال تلك السنوات العشر ابتداء من المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، مرورا بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، فمسودة الدستور ثم اتفاق السلم والشراكة، إلى اتفاق ستوكهولم، يليه اتفاق الرياض، وبعده مشاورات الرياض.
يجيد اليمنيون صناعة الاتفاقيات، ولكنهم يفشلون في تنفيذها ولا يبالون.
قبل عشر سنوات وفي جلسة عقدت لاستكمال التوقيع على مخرجات الحوار الوطني الشامل وقبل انعقاد الجلسة الختامية وعلى هامش أحداث ذلك اليوم والتي كان يراد منها إفشال المؤتمر وإعاقة مخرجاته، صرخ الرئيس هادي حينها في الحاضرين وفي لحظة انفعال "لا تستجيبوا للشر..".
لاحقا تبين أن الشر وجد طريقه لينال من اليمن ويعصف به كما لم يفعل من قبل، وتفنن الخراب في إعداد فصول مهمته، فلم يذر شيئا جميلا إلا وأفسده.
كان الانقلاب على الدولة ومؤسساتها بوابة ذلك الشر، فيما مثلت الانقسامات بين المكونات والأحزاب وقوده، وغذت المشاريع الصغيرة استمراريته.
لاحقا وفي مقابلة له مع قناة العربية، ختم رئيس مجلس القيادة الرئاسي د. رشاد العليمي حديثه بأن ضمان تحقيق السلام في اليمن هو الجيش الوطني والمقاومة.
وبين صرخة هادي والعليمي عشر سنوات يفترض أن تكون كافية بأن يدرك اليمنيون ما وقعوا به نتيجة انقسامهم، وما حل بهم جراء اختلافهم حول ما لا ينبغي أن يختلفوا فيه، وهو الحفاظ على الدولة والجمهورية والسيادة الوطنية والدفاع عنها.
عشر سنين كانت كافية ليتعلم اليمنيون خلالها أن السلام أصعب من الحرب، وأن الوطن أبقى من الحزب أو الفرد، وأن الانتصار الحقيقي هو على ذواتهم، كيانات وأفرادا، على انقساماتهم وثاراتهم من بعضهم البعض، على الوعي الزائف الذي صنعته المرحلة، على المشاريع الصغيرة التي أفرزتها الأزمة، على الخصام الوهمي داخل الجبهة الواحدة.
ومع كل الاجلال والتعظيم للتضحيات التي قدمت والدماء التي بذلت فعشر سنوات كانت كافية لنتعلم فيها أن ضياعنا وهواننا على الناس نتج عن ضياع الوطن وتفريطنا فيه، وأن قيمتنا كيمنيين بين الشعوب نستمدها من قيمة ومكانة اليمن الكبير الذي هو اليوم في مأزق كبير وعلى المحك بين أن يعود كبيرا كما كان، أو يتشظى ومعه تتشطى كل الآمال والأحلام وتضيع كل التضحيات.
لنتوقف عن منهجية التشاكي واستحضار المظلوميات وإثباتها، فما أكثر المظلوميات في عالم اليوم، دون أن تثير أحدا أو تستدر عطف أحد، ولنا فيما حولنا من الأحداث عبرة.
فقط تلزمنا المبادرة بفعل على قدر التحدي وانطلاق غير متوان للخروج من الأزمة، بما يتوجب ذلك من مواقف وإمكانات وتضحيات مهما لزم الأمر، وبإمكاناتنا لا بإمكانات غيرنا.
جميعنا مسؤولون عما حصل من خلل وفي الوقت نفسه مسؤولون عن إصلاح ذلك الخلل وباستطاعتنا أن نفعل، يلزمنا فقط المزيد من الصدق مع أنفسنا ومع بعضنا والتغيير في ما هو مجرب من الأساليب والآليات التي ثبت فشلها.
يلزمنا التسامي فوق كل خسارة، إلا أن نخسر الوطن.
في السبت 13 إبريل-نيسان 2024 08:40:22 م