|
جاء الإسلام لينقض الجاهلية ويجعلها تحت الأقدام، ونهانا عن دعاوى الجاهلية والتفاخر بالأنساب، وجعل معيار القبول والفضل هو ما يكسبه الإنسان بنفسه من إيمان وعمل صالح، ولم يفرق في ذلك بين البشر، لا بأنسابهم ولا بأعراقهم ولا بألوانهم، ولا بصورهم ولا بأموالهم ولا بجاههم، ولا بشيء غير تقواهم.
ونصوص الكتاب والسنة قطعية في ذلك، لا تخفى على ذي لب، ولم تكن الجاهلية دعوى ينقض بها الإسلام، ولا دينا يتقرب به إلى الله، ولا عقيدة يضلل من يأباها، ويقتل من لم يؤد حقوقها، ولا معيارا يقسم المجتمع المسلم لطبقتين شريفة ووضيعة، إلا في ظل خرافة وبدعة وضلالة أهل البيت، وتفاخر أهلها واستعلائهم بنسب هاشم الوثني المشرك على عباد الله الموحدين، حتى فشت هذه الخرافة في المسلمين، وأفسدت دينهم ودنياهم، من نقض التوحيد بالشرك، إلى نهب بائع البلس في الطريق، وأشعلت هذه الخرافة الفتن والحروب في أمة الإسلام عموما وفي اليمن خصوصا لقرون طويلة، ولا زلنا نكتوي بجمرها.
والعجب من بعض الدعاة وهم يرون أثار هذه العقيدة الخبيثة إلى أين أوصلت الشعوب العربية والإسلامية، ومنها أهل اليمن، من هلاك ودمار وخراب دين ودنيا، وسفك دماء الملايين ونهب ممتلكات الشعوب، وتفجير المساجد ومنع المراكز والجامعات الإسلامية ومصادرتها، وملاحقة كل من يظهر السنة حتى صلاة التراويح في أي بلدة يتسلطون عليها، بل يستميت هذا الداعية للدفاع عن هذه الخرافة وأهلها، ويخدم مشروعها التدميري، وربما كان هذه الداعية المدافع من أشد من اكتوى بنارها، لكن سكرة القضايا الدينية المألوفة، والغفلة عن معرفة حقائق ما يجري وما يعزز المشروع الصفوي وما يضعفه وغيره، كل ذلك يمنعه من البحث العلمي المجرد، ومن النظرة المقاصدية لواجب المعركة الكبرى مع الصفويين المدعومين من الصهيوني والصليبي.
فلا يبحث إلا في إطار ما يقرر لديه من مألوف، وما يؤزه به لوبي السلاليين المتحركين وسطنا، لذا لا يخرج في بحثه عن ما تلقاه وألفه وظنه معتقد أهل السنة، ولا يفقه مقاصد البيان، وما يجب أن يقرر وينشر في هذا الظرف، بمقتضى واجب الوقت، وما يترتب عليه من مصلحة أو مفسدة، بل يقرر أن المنكر الأكبر الذي يجب أن يقدم على مقاومة المشروع الصفوي هو الرد على أقيال اليمن، وزجر من ينكر هذه الخرافات، واعتبار من ينكرها ويحذر منها مارقا عن العقيدة الصحيحة التي هي المألوف لديه، ويعتبر من ينكر الطبقية السلالية والتفضيل المنوي حاسدا لأهل الخرافة على ما آتاهم الله من فضله، ويعتبر أي رفض لاستعلاء هذه الجاهلية، وأي دفاع عن شعب اليمن ضد استعلاء وإجرام أهل هذه الخرافات، وأي اعتزاز ليمني بإنسانيه ويمنيته وعروبته وتاريخه وقبلها بدينه في وجه من يستعلي عليه، ويزعم أن اليمني أدنى منه طبقة، وأنه شريف واليمني وضيع، وأنه سيد واليمني عبد، فيرى هذا الداعية ذلك كله، وأي حراك ضد هذه العنصرية الجاهلية وإجرامها، ويعتبره شركا وكفرا، وأقله بدعة وضلالة، وعصبية جاهلية.
وفي نظر هذا الداعية لكي يكون اليمني صالحا متمسكا بالدين، ويحتمي من سهام حراس معبد الخرافة، وسدنة صنم أهل البيت، ويسلم من لومة لائم المحيط وأذاهم، عليه أن يسير على صراط الدين الموازي، بأن يعتقد وجوبا أن أهل هذه الخرافة وسلالتهم خير منه نسبا ومن كل إنسان، وأنهم دينا أطهر منه ومن كل إنسان، وأنهم طبقة عليا وكل يمني وكل إنسان طبقة دونية، وأن لهم على كل يمني حقوق المحبة والولاية والخمس والصلاة والانبطاح لهم والتسبيح بآلهم وآلاتهم.
لذا في ظل هذا العبث باسم الإسلام والعلم وعقيدة السلف، وهم منه براء، زادت قناعتي بخطر هذه الخرافة، وآثارها التدميرية على الملة والأمة، ولزوم بيان أخطارها لكل يمني وكل مسلم، وكفرت بدين الجاهلية، ووضعتها تحت قدمي كما أمر وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفرت بخرافة أهل البيت وولايتها، وحقوقها المكذوبة، وآمنت بالله وآمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضيت بالإسلام دينا، وبكتاب الله وبصحيح سنة رسوله هدى، وبإجماع الصحابة مرشدا، وإن كان نصبا بغض كل خرافة.. فليشهد الثقلان أني ناصبي.
في الإثنين 15 يوليو-تموز 2024 08:35:01 م