|
القرآن حجة علينا، ولسنا حجة عليه، وليس حفاظه وحملته حجة عليه أيضا، بل هو النص والكتاب الحجة الدامغة على الجميع.
إن أمة تمتلك كتابا كالقرآن معجزُ وبيانُ خالدُ، وهي ليست في واقع يعكس عظمة وحيوية هذا النص والكتاب العظيم، لهي في خلل كبير وأزمة عميقة ينبغي على روادها أن يبحثوا عن مخارج وحلول لهذه الأزمة والمعضلة وبشجاعة كبيرة لكشف المشكلات ومقاربة الحلول.
إن واقع أمتنا المتخلفة اليوم والتي ترسف في قاع الانحطاط والتخلف يتطلب اليوم شجاعة ووضوحاً في تحديد علل وأسباب هذا التخلف والانحطاط وهي كثيرةُ اليوم ومتعددة ولكني سأقف هنا فقط بعجالة فيما يتعلق بالقرآن ومشكلتنا في عدم التفاعل معه واستعادة دوره وفعالياته في حياتنا كلها.
أولاً، مسألة حفظ القرآن ليست فرضا واجباً وإنما مستحبة ومتروكة للقدرة على الحفظ وهي مسألة جرت عليها الأمة طوال التاريخ في الدفع بالأطفال لحفظ القرآن في العمر المبكر لسرعة الحفظ وتفرغ الأطفال وخلو الذهن من شواغلها وهي أفضل مراحل الحفظ، وحفظ القرآن هنا ليس واجباً شرعاً لكنه مستحب لكل أحد.
ثانياً: جرت العادة في التعاطي مع القرآن بالأسلوب المتعارف عليه وهو الحفظ في الصغر دون أي جهد يبذل في التأمل والتدبر والتشجيع على هذا الطريقة من طرق التعاطي مع القرآن وهي الطريقة التي كثرة الإشارة إليها في القرآن نفسه، أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها، وكثير من الآيات الأخرى في هذا السياق.
ثالثاً: ثمة أزمة منهجية ليس في طريقة تعاطينا مع النص القرآن وحده، وإنما مع فلسفة التعليم كلها في العالم العربي والإسلامي، تلك الأزمة التي تمثل بالعقل الحافظ للشروح والمتون على حساب فهم هذه المتون والشروح لا حفظها، وهي التي طغت بعد ذلك على كل طرق التعليم والتلقين في تاريخ العلوم الإسلامية كلها، مما صعب من هذه العلوم ورأينا ذلك في محدودية المتفوقين فيها على مر العصور وهم قلة ممن أجادوا الحفظ والفهم معاً.
رابعاً: حالة القطيعة النكدة بين العلوم الشرعية وعلوم القرآن والعلوم الإنسانية والكونية الأخرى وهي حالة جعلت العقل المسلم يعيش حالة قطيعة مع كل ما يأتي خارج دائرة العلوم الشرعية كالفلسفة والمنطق وعلوم البلاغة والعلوم الإنسانية الحديثة كعلم الاجتماع وعلم النفس وغيرها من العلوم التي هي جزء من فهم معادلة التفاعل البشري مع الأديان والأفكار عبر التاريخ وتشكلت هذ العلوم كنتاج لهذا التفاعل الواعي.
في الجمعة 09 أغسطس-آب 2024 10:04:56 م