كلفة الرئيس السابق الفادحة!
سامي غالب
سامي غالب


من غرائب هذه الحرب أن المؤتمر الشعبي العام الذي كان يفرِخ الأحزاب في اليمن، ويقسمها ويشظيها (ويمول الانشقاقات الحزبية في أحزاب المعارضة، ويقف المنشقون في طابور أمام أمين الصندوق المؤتمر الشعبي لاستلام "مخصصات مالية"، صار اليوم عرضة لتقسيم وبإشراف عربي وأممي. 


المؤتمر الشعبي الذي عجزت لجنته العامة ولجنته الدائمة عن التكيف مع حقيقة أن الرئيس المؤسس (الأب والراعي ومهندس المؤتمر الأعظم) لم يعد الرئيس، وأن نائبه حل محله في الرئاسة ما يستدعي بأحكام الطبيعة، أن يحل رئيس الدولة الجديد محل القديم على راس المؤتمر الشعبي.


فشلت اللجنة العامة (المكتب السياسي) واللجنة الدائمة (اللجنة المركزية) للمؤتمر الشعبي في التكيف مع الأمر الواقع الناجم عن ثورة 2011 التي أزاحت صالح من الرئاسة.


اندلعت الحرب فتفاقمت الأزمة الداخلية في المؤتمر، وتسرب القياديون الكبار في المؤتمر من دائرة صالح، واحدا تلو الآخر، باتجاه الرياض وعواصم أخرى. وها إن رئيس المؤتمر نفسه يصير عرضة لمشروع قرار عقابي من قبل "القيادة الشرعية" التي اجتمعت خارج اليمن وتقول إنها حشدت تأييدا من فروع المؤتمر لصالح القرار العقابي.


بين دول الربيع العربي تميز المسار اليمني في أن الرئيس الجديد هو نائب الرئيس المثور عليه، وأن هذا النائب هو أيضا الرجل الثاني في حزب الرئيس السابق. أي ان "الحزب الحاكم" في اليمن حافظ بعد ثورة ازاحت بالرئيس على موقع الرئاسة!


كانت هذه "خصوصية يمنية" أخرى. لكنها ادت إلى كارثة وطنية ذلك أن المؤتمر الشعبي بما هو حزب حاكم صار عرضة لصدام وجودي بين رئيسي الدولة السابق والراهن؛ أي رئيس المؤتمر ونائبه.


رفض الرئيس السابق مغادرة السياسة رغم حيازته على حصانة من الملاحقة القانونية عن أية جرائم وقعت في حقبة حكمه التي امتدت 33 سنة. 


غادر دار الرئاسة مغصوصا، وتشبث برئاسة "حزب" الرئيس! 
تشبث برئاسته الحزبية للإبقاء على فرصه في البقاء نجما سوبر في ملعب صاغ أرضيته وحدوده وخطوطه على هواه. لكن خط التاريخ يمضي قدما إلى الأمام. وقد أدت هذه "الوضعية" الغريبة وما تتزخر به من مفارقات، إلى انقلاب ميليشياوي على السلطة الانتقالية تلاه حرب قد يتولى السلاح فيها تصحيح أخطاء "السياسة". 


صالح هو الرئيس الأعلى كلفة في ثورات "الربيع العربي". 
لا شك أنه مناور وعنيد. 
هناك ايضا سبب أخر لهذا الكلفة: 
لديه حفنة خصوم حمقى وأغبياء.


من صفحة الكاتب على فيسبوك

في الثلاثاء 13 أكتوبر-تشرين الأول 2015 06:48:25 م

تجد هذا المقال في سهيل نت
https://suhail.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://suhail.net/articles.php?id=128