|
ردفان.. في الجبال أرحام للثائرين وعرين للأسود.
من جبال المحابشة شمالا عاد المناضل السبتمبري البطل راجح بن غالب لبوزة، نحو دياره في ردفان ليوقد بدمه الطاهر شعلة ثورة ظافرة جديدة في مثل هذا الصباح 14 أكتوبر 1963م.
قبل عام من مثل هذا الصباح كانت شمس صنعاء قد أشرقت منتصف ليلة 26 سبتمبر 1962م من فوهة دبابة مارد الثورة معلنة جمهوريتها الخالدة وإطاحتها بأسوأ عصابة تخلف رجعي سلالي مستبد.
إلى حماية جمهورية الشعب في صنعاء وملاحقة فلولها المتربصة تداعى كل أحرار البلاد شمالا وجنوبا، وكانت ردفان كعادتها في القلب والصدارة تجاه كل المهام النبيلة.
لبى القائد البطل راجح بن غالب لبوزة، نداء الفداء والتضحية، وفي تعز استكمل تدريب وجاهزية رفاقه لينطلق وتحت إمرته 150 بطلا من أقيال ردفان الأشاوس، مروا إلى إب ومنها اتجهوا نحو الحديدة ثم منطقة عبس، ومن عبس كان صعود الابطال إلى جبال المحابشة لمطاردة الامام المخلوع محمد البدر، الذي بقي يتهرب متربصا بالثورة بين جبال الشرفين وكهوف حجور.
في الوعلية والمفتاح استقر راجح بن غالب لبوزه، قائدا للجيش الجمهوري لعدة أشهر، ثم جاء استدعاؤه من العاصمة صنعاء، وفي صنعاء التقت قيادة الميدان بالقيادة السياسية حيث كان الاجتماع مع الرئيس عبدالله السلال ومستشار الرئيس ووزير شؤون الجنوب المحتل قحطان بن محمد الشعبي، لمناقشة الأوضاع في الجنوب.
وفي صنعاء في أغسطس 1963م كان إشهار الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن يترأسها قحطان الشعبي، وكان راجح بن غالب لبوزة، أحد الموقعين على بيان التأسيس، أقرت الجبهة القومية خيار الكفاح المسلح ضد الاحتلال الانجليزي لجنوب اليمن وأوكلت لراجح بن غالب لبوزة، فتح وقيادة جبهة في بلاد ردفان.
لما عاد راجح لبوزة، إلى ردفان بلغ خبر وصوله ورفاقه إلى الضابط السياسي الانجليزي، فوجه لهم أمرا بالحضور لتسليم السلاح والذخيرة التي جلبوها من الشمال والتعهد بعدم العودة لمحاربة فلول الإمامة المتحالفة مع لندن ويلزمهم دفع ضمانات.
اجتمع راجح بن غالب بكتيبة أبطاله الميامين وقرر أنه حانت لحظة المواجهة، ردا على رسالة الضابط الانجليزي بعث لهم راجح لبوزة يوم 13 أكتوبر رسالة يقول فيها إننا لا نعترف بحكومتكم وتوجيهاتها وأن حكومتنا هي حكومة الجمهورية العربية اليمنية، أرفق مع رسالته رصاصة من بندقيته لتحمل بقية الإجابة.
رسم لبوزة خطته ووزع جنوده استعدادا للمواجهات، وفي مثل هذا الصباح هاجمت قوات الاحتلال عرين الأسود، ومع الظهيرة سقط راجح بن غالب لبوزة شهيدا مجيدا، نعت إذاعتي صنعاء وصوت القاهرة لبوزة، وأعلنت الجبهة القومية أن لحظة استشهاده هي ساعة الثورة الأولى ومفتتح تاريخها المجيد، واعتبرته أول شهداء الثورة الميامين.
من فوق قبره تعاهد رفاقه على الوفاء حتى النصر، وتم بناء نصب تذكاري في مكان استشهاده، وفعلا كانت ردفان أول المناطق التي خرجت عن سيطرة الاحتلال البغيض ثم لحقت بها الضالع بقيادة المناضل علي عنتر، وتحرر كل جنوب اليمن من هيمنة الإمبراطورية التي لم تكن تغرب عنها الشمس، بل كانت دماء راجح بن غالب هي فاتحة مسيرة لم تتوقف إلا بعد أن حمل المستعمر عصاه راحلا من اليمن وعمان وقطر والبحرين والإمارات مغادرا منطقة الخليج دون رجعة.
المجد والخلود لثوار الرابع عشر من أكتوبر والسادس والعشرين من سبتمبر المجيدتين.
السلام عليك يا ردفان.
في الإثنين 14 أكتوبر-تشرين الأول 2024 10:40:41 م