|
لا يزال صوته يتردد في أذني وهو يحاول الإعتذار عن الإدلاء بتعليق مساند لملف التوريث،العمل الصحفي الأشهر الذي أثار جدلاً سياسيا كبيراً نهاية الثلث الأول من عام 2004م .
وقتها كان السياسي البارز، الأستاذ محمد قحطان، رئيساً للدائرة السياسية لحزب الإصلاح، وكان الحزب على ما يبدو متردداً في التعاطي مع قضية كهذه، فالملف طال بالنقد حتى رئيس الحزب الشيخ الراحل عبدالله الأحمر..
في مواجهة حملة شنتها أجهزة إعلام صالح وقتها، للتقليل من قيمة الملف الذي نشرته صحيفة الشورى، اقترحتُ على إدارة تحرير الصحيفة الإبتعاد عن الطريقة الكلاسيكية في مواجهة الحملات..
قلت : بدلا من انتظار ردود أفعال الأحزاب حيال الأمر، واقتصاره على تفاعل كتاب وصحفيين حزبيين ومستقلين ناهضوا نهج " التوريث " العفاشي، علينا إعداد، رد ، بطريقة أكثر إحترافية،تضمن إقحام القوى السياسية في النقاش وصناعة رأي عام ، وتحويل الأمر الى قضية ذات بعد قانوني، بإشراك رجال قانون، كان على رأسهم الأستاذ أحمد الوادعي.
كما الملف، توليتُ إعداد الرد في مادة صحفية أكثر إفحاماً وتأثيراً.
كان أول شخص اتصلتُ به من مجموعة السياسيين قحطان .
قال لي معتذراً بلهجته العدينية عبر سماعة الهاتف : اٌقول لك أنا مشغول جالس أذاكر..!
بعد إلحاحي، قال لي : تدري إكتب شاعمل لك كلمتين..
وعلق على الأمر بسجيته المعروفة، وأعتبر " التوريث " مخالف للدستور وتهديد لجوهر النظام الجمهوري والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، وكان تعليقاً ناقداً وجريئاً.
أظنه كان التصريح الذي أخذ الحزب الى الأمام لتصبح قضية التوريث جزءاً من اهتمامات بعض قياداته على الأقل..
من ضمن الشخصيات التي كان لها موقف جيد من القضية، السياسي المتقلب قاسم سلام، الأمين القُطري للبعث العراقي في اليمن محدود التأثير والحضور، فقد كان تعليقه على " التوريث " ناقدً أيضاً وشجاعاً، ووقتها كان حزبه عضوا في تكتل اللقاء المشترك.
لكن الحال إنتهى بالرجلين على طرفي نقيض.
واظب محمد قحطان، كسياسي كبير، تكلم في أوقات كثيرة عندما كان الكثيرون يحبسون أنفسهم في عالم الصمت، على التعبير عن مواقفه ومواقف حزبه بصوت مرتفع.
ربما كانت طريقته تلك تثير، أحياناً، حفيظة زملائه في الحزب كما حدث عقب انتخابات 2006م ولاحقاً أثناء انتفاضة 2011.
منذ أكثر من عام، وقحطان مجهول المصير، اختطفته ميليشيات الإنقلاب الطائفي، وغيبت الرجل الذي لم يهادن، وقاتل بالسلام حتى آخر لحظة على طاولة الحوار، لتجنيب البلاد هذا المصير الماثل الآن.
من الواضح أنه كان هدفا ً رئيسياً ، للثأر والانتقام على يد عصابة الإنقلاب، وثمة طرف معتل نفسياً، يستغل همينته على مصادر القوة لينكل برجل مسن أعزل، يعاني متاعب صحية، ومكشوف من أي عصبية تضغط للإفراج عنه كما فعلت مع كثيرين..
أما قاسم سلام، عضو القيادة القومية العليا للبعث العربي الإشتراكي، في زمن الدولارات القادمة من بغداد، فلم يعد هو نفسه ، فقد إنهار كل شيئ مع انقطاع تدفق العملة الصعبة من رفاق العراق، رغم أنه ظل يبشر بعودة صدام من " غيبته"طيلة سنوات!
رابط جوار زعيمه صالح في مواجهة الإنتفاضة الشعبية، وظل جزءاً من ديكور مسرح السبعين الأسبوعي، الى جوار الرجل الذي يستميت لتسليم الشعب والبلاد الى نجله كجزء من تركة يعتقد أنها تخصه..
لكن انهيار سلام، لم يتوقف عند هذه النقطة.
فهو لم يتخل عن عروبة البعث،الراية التي قاتل تحتها الراحل صدام الفرس طيلة 8 اعوام فحسب، بل أصبح، جنديا ملحقاً بجبهة إيران المهيمنة في اليمن، ويقف جنباً الى جنب مع العصابة التي تريد إنفاذ " التوريث " وفرض العصبة الطائفية الإمامية، لإغتصاب الحكم.
سلام الله عليك قحطان في محنتك الطويلة ..
سلام الله على روحك اليمنية التي ستنتصر كنهاية حتمية مهما تطاول ليل القتلة..
في الإثنين 04 إبريل-نيسان 2016 05:53:52 م