|
في هذا الوقت من كل عام وفي الأحوال العادية تشتعل حمى استقبال رمضان في كل مدن اليمن.
ورغم الحرب وشبح المجاعة، ورغم غياب الدخل لآلاف الأسر، تمارس الأسرة اليمنية طقوس الاستقبال المعتاد كل حسب مقدرتها.
قد ينتابك العجب إذا ما فكرت في زيارة البقالات الكبيرة أو ما تسمى بالمولات والسوبر ماركت..
يشعرك ذلك البذخ في المشتريات للبعض أننا بخير فعلا ولا نواجه أي مجاعة محتملة.
بل ويشعرك أننا دولة متخمة بالأمان والرفاهية..
المولات تكتظ بالمتبضعين والأسواق تغرق في الخيرات من بضائع وخضار وفاكهة وكل ما يرغب به المواطن اليمني.
غالبية الناس مقبلون على شراء حاجيات رمضان بإسراف وبذخ وكأن تناول الأطعمة اقتصر عند البعض على رمضان فقط؛ وليس الصوم هو ما يميز هذا الشهر.
إنما في العوالم الأخرى من مدينتك ستجد وجوه مختلفة للحياة تبدأ رؤيتها من بوابة المول أو السوق ذاته حين يزدحم الشحاذون بالعشرات طمعاً فيما تلقيه أيدي المتبضعين من فكة الأموال التي تناثرت في جيوبهم.
ربما هذا هو الجانب الأشد قبحا للحياة.
لكن هناك وجه آخر لكنه خفي ومؤلم لمئات الأسر المتعففة التي لا تملك أموالاً للتبضع ولا قدرة على الشحاذة .
إنهم أولئك الذين أكتفوا بمد أيديهم إلى الله فقط ولا يمدونها لبشر.
هناك من لا يجد قوت يومه فما همه موائد رمضان؛ وهناك من هو مطارد في سكنه فلا يدري أين يستقر به الحال؛ وهناك من تشتت شمل عائلته فتمنى لقاءهم في أي شهر من شهور العام.
هناك من يفتقد شهيد ومن يجهل مصير معتقل ومن يحمل حزن وهمّ وطن فرأى رمضان موسم للدعاء لا موسم للطعام.
إنها الحياة وجوه مختلفة لشيء واحد سينتهي يوما عند الجميع.
فصوموا كي تحسوا بكل هؤلاء.. صوموا كي تصح ضمائركم حين تستقبلون رمضان بالتهافت على الموائد وغيركم يستقبل رمضان بامتداد جوع وحزن ووطن مضيع.
*(يمن مونيتور)
في الخميس 25 مايو 2017 07:47:33 م