عجز الفعل و نزق اللسان
احمد عبدالملك المقرمي
احمد عبدالملك المقرمي

من يسير في طريق ثم يكتشف أنه قد أخطأ الطريق، فإن أول ما يتبادر إلى ذهنه هو المبادرة الفورية في العودة لسلوك الطريق الصحيح، تلك هي الحالة الطبيعية و القرار الحكيم، و من العجز الفاضح، و الخطأ الفادح، أن يبقى يخبط خبط عشواء في متاهات الطريق التي ضل فيها ضلالا بعيدا، فالنفس السوية، و العقل الناضج، يتخذان قرار التغيير بكل عزم.


لكن ثمة نفسيات أخرى، تسير على مثال و مقولة : معزة و لو طارت! و لها عقلية تعتبر امتدادا لعقلية متعصبي مسيلمة في قولهم : كذاب ربيعة و لا صادق مضر !
و هذه النوعية؛ و بدلا من مراجعة سيرها و مسارها، أطلقت لسانها في سب و شتم الآخرين محملة إياهم إخفاقاتها و فشلها و عجزها.


استدعاء كل مفردات القذارة و السباب و الشتائم، و رمي الآخرين بها لا تمثل أدنى صفة من قوة أو من إيجابية أو حصافة، بل تكشف مدى خيبة قبول هذا الذي يحمل تلك المفردات في أن يبقى على مستوى الدرجة الصفرية من الشهامة و النبل و الرجولة.

يعجز فرد ما أو مجموع عن موقف وقفه آخرون، أو يتخلف عن داع دعا له الشرف و الواجب، أو يتوارى أو يتوارون عن ميدان من ميادين الفداء و التضحية، و بدلا من أن ينشغلوا بمداواة عجزهم، و معالجة أسباب تخلفهم عن داعي الواجب أو الاستمرار فيه، تقودهم الغيرة إلى اتهام نوايا الآخرين، أو تشويههم و التشهير بهم رجاء أن يكونوا سواء.


إن هروب هؤلاء عن مواجهة الحقيقة تمكين للعجز، و الفرار من تصحيح السير و المسار إمعان في الضلال و السقوط في أوحال الفشل الذريع، و محاولات التوسل بالدوي الإعلامي، و حملات الدعاية و التشكيك لا تغني في الواقع شيئا. و مثل هؤلاء مثل الطالب الذي يدرك فداحة تدني مستواه العلمي، و بدلا من أن يجد و يجتهد، و يضاعف جهوده في التحصيل، إذا به يواجه فشله و عجزه بالهروب من المعالجات، و اللجوء إلى تحميل مدرسيه والظروف و أي آخرين أسباب فشله و إخفاقاته.


الدوي الإعلامي الذي يتوسل به المتوسلون لإثبات حضورهم لا يصنع حضورا حقيقيا، و الحملات الإعلامية التي همها هدم الآخر، مهما امتلكت من أدوات ناعقة، أو أجهزة ناهقة، فإنها لا تقوى و لن تقوى على طمس الحق و الحقيقة، و إن أثرت شيئا ما، فكتأثير سحابة عابرة تعترض ضوء الشمس .

يبقى دخان الحملات الإعلامية الزائفة سرابا يتلاشى، و تبقى مزاعم الدعايات الكاذبة وَهْماً يتسلّى به أصحابه، و يخادعون به المجتمع و هو خادعهم، و ما يشعرون.

و تأتي حقائق الميدان فينزوي الكذب البائس تضاؤلا، و يخنس افتضاحا؛ فيما تشمخ الحقيقة ألقا و ضياء في الواقع؛ لتنسف أباطيل الزيف و التضليل من القواعد، فعرق الفعل في الميدان، ناهيك عن دم شهيد أو جريح في ميادين الشرف و الواجب؛ أبلغ أثرا، و أقوى حجة من ثرثرة بحروف مرصوفة تتوارى خجلا مما حُمّلت من أوزار السفاهة و السباب و الزيف.

فليمض الجادّون و المجدون نحو أهدافهم، و لا يستخفنهم الذين لا يوقنون.


في السبت 05 يناير-كانون الثاني 2019 04:09:22 م

تجد هذا المقال في سهيل نت
https://suhail.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://suhail.net/articles.php?id=500