|
لم أر في حياتي شعب مستهتر بكل النواميس الكونية والتعاليم الدينية والدنيوية مثل الشعب اليمني، أو هكذا خيل لي، ربما لخوفي على هذا الشعب مما سيعانيه فوق معاناته مما هو قادم لا سمح الله.
يرى ويسمع ويشاهد الموت ينتشر في أرجاء المعمورة، ويتخطف الناس في كل لحظه، والعالم كله يناشد سكان العالم أن يلتزموا الحيطة والحذر، وأن ادخلوا مساكنكم، لا تغادروها، ويبين الخطر وطرق الوقاية منه، وأهم طرق الوقاية الحجر الذاتي، وعدم الخروج وإلغاء التجمعات.
العالم كله مقفل حتى دور العلم والعبادة والعمل، وأقدس المقدسات وأكثر المرافق حيوية، إلا في اليمن، كل شيء عادي وطبيعي وأكثر مما هو معتاد.
الشعب اليمني عايش في كوكب لوحده، ولا كأن الأمر يعنيه، وكأنه في مأمن من كل الأخطار، وكأن مرافقنا الصحية وإمكانياتنا الطبية تفوق ما لدى العالم من إمكانيات ومرافق وكوادر، ونحن في وضع طبيعي وعال العال.
يجبرك الفضول والغيظ والخوف أحيانا لتقول كلمة، يا أخوه، ما نفعله بأنفسنا لا يجوز، نحن نعيش في مأساة بدون "كورونا"، فما بالكم، لو سمح الله وشرف، إن لم يكن فعلا قد شرف، وجالس يتمشى بيننا في أسواقنا ومقائلنا ومطاعمنا، وربما في كل مرافقنا بما في ذالك مرافقنا الصحية التي لا تملك أي وسيلة أو قدرة للتعرف على هذا الوباء، فما بالك بمواجهته؟
وتكون الإجابات صادمة أكثرها تهذيبا، يا خبير، سعليك ولا عايوقع شيء، سير خزن لك وافتهن، أرحم الراحمين هو أخبر بالشعب اليمني، قد جمع علينا الأعسار كلها، ما عاد تفرق لو زاد واحد، وحتى لو جاء كورونا عايكون أرحم وأعدل من الذي موجودين.
وإزاء ما يعيشه العالم من رعب وتصاعد لأرقام الضحايا وخروج الوباء عن سيطرة دول عظمى تملك من الإمكانيات ما ليس لدى العرب والمسلمين مجتمعين، وما يمارسه الشعب اليمني من تطنيش وتجاهل لكل التحذيرات، وعدم التزامه بأبسط قواعد وطرق الوقاية.
حتى مقتضيات التوكل على الله التي يتحجج بها البعض غير متحققة فينا، يضاعف هذه المأساة الغياب المفجع للفعل الرسمي على أرض الواقع الناظم والضامن لتنفيذ أي إجراء وقائي أو علاجي.
أجدني في حيرة بل أجد صعوبة في وصف وتصنيف سلوكياتنا كشعب تجاه كل هذه الكوارث والجائحات التي تعصف بنا، هل نحن شعب مستهتر، أم متوكل، أم يائس، وكل طرق الموت تتساوى عنده، أم شعب......؟!
وحفظ الله اليمن.
= رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب
في الإثنين 23 مارس - آذار 2020 07:33:33 م