القوى الوطنية وإنقاذ اليمن
عبدالرزاق الهجري
عبدالرزاق الهجري

يتعرض اليمن اليوم لأكبر خطر مر عليه عبر تاريخه الطويل، وبات الخطر محدقا بالجميع، ولا يهدد منطقة وحدها أو فئة من الشعب أو حزب من الأحزاب، بل صار ينال من اليمن كهوية تاريخية ووحدة وطنية ونسيج اجتماعي.

الإنسان والجغرافيا بأحمالهما المعنوية والرمزية يتعرضان للتدمير الممنهج، ولن تستطيع فئة من الشعب خوض المعركة منفردة، كما هو شأن اليمن الكبير الذي يستحيل أن تقوم له قائمة بدون شراكة اليمنيين في إدارة شؤونه.
وعلى هذا الأساس ينبغي أن يكون لكل القوى السياسية والمجتمعية بكافة انتماءاتها موقف تاريخي موحد إزاء ما تتعرض له اليمن من تهديدات ومخاطر أحرقت نارها الجميع بلا استثناء.
إن مشروع الكهنوت الإمامي يعد بوابة الكوارث التي حلت على اليمن، وهو الذي قاد اليمن إلى هذا الوضع الكارثي الذي يعيش أحداثه ومآسيه الجميع، وما دعوات التقسيم والتجزئة وملشنة الدولة إلا إحدى التداعيات المتجاوبة مع الانقلاب الحوثي المشؤوم.
فهو المشروع الأم التي ولدت مشاريع التقسيم والتجزئة في اليمن وصار التخادم بين تلك المشاريع المعادية لليمن معلنا وواضحا للجميع، ما يحتم على كل القوى اليمنية أن تنبذ صراعات الماضي التي تسببت في عودة الكهنوت الإمامي لأن استمرار تلك الصراعات هو الذي يعطي هذه المليشيات الحياة والاستمرار.
تلك هي معركتنا الوطنية الوجودية التي ينبغي أن تمتد الأيادي وتتشابك لخوضها، بغض النظر عن التباين أو الاختلاف في بعض وجهات النظر، ولأجل صراعات الماضي التي كانت سببا في إسقاط الدولة والتنكيل بكل القوى الوطنية دون تفرقة أو تمييز وأصبح الكل مشردا ملاحقا.
على كل هذه القوى أن تكبر بحجم الوطن، وتكون بحجم التحدي، وتتعالى على الصغائر والثارات واجترار الماضي، وينبغي أن توحد صفوفها تحت مظلة الشرعية، لأن كل هذه القوى بدون مظلة الشرعية ستتساوى مع الحوثي وتتحول إلى مليشيا لا شرعية لها، ولذلك فإن العمل على استعادة مؤسسات الدولة والحفاظ على الجمهورية والوحدة، والابتعاد عن المناكفات التي لا تصب إلا في مصلحة الكهنوت ومشروعه التدميري، كفيل بأن يحقق حلم اليمنيين بإزاحة أكبر كابوس يجثم على صدر الوطن.
أتفق تماما مع ما يطرحه الدكتور العزيز عادل الشجاع في كتاباته، والمحامي محمد المسوري، وغيرهما من كتاب وناشطين حول ضرورة إعادة اللحمة والمصالحة بين القوى السياسية المؤمنة بالجمهورية والوحدة والمواطنة المتساوية، وفي مقدمتها الإصلاح والمؤتمر وبقية القوى الوطنية، حتى يستعيد الوطن عافيته وينتصر على المشروع الظلامي، وتعود الأمور إلى طبيعتها، ويتم استكمال الانتقال السياسي، وبناء اليمن الاتحادي، وتوسيع دائرة المشاركة السياسية لكل أبناء الوطن وقواه السياسية دون إقصاء أو تهميش لأحد.
فالوطن يتسع لكل أبنائه وفقا للمرجعيات والثوابت الوطنية، ومنها مخرجات الحوار الوطني بكل ما تضمنته من معالجات لمختلف القضايا، بما فيها القضية الجنوبية التي أولتها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني حقها من المعالجات وإصلاح الاختلالات التي رافقت الفترات السابقة.
الجميع يتمنى أن يعود "الانتقالي" إلى الرشد الوطني وينهي تمرده وانقلابه على مؤسسات الدولة، والالتزام بتنفيذ اتفاق الرياض ويعكس بذلك احترامه لراعية الاتفاق قيادة المملكة العربية السعودية الذين بذلوا جهودا مشكورة لإنجازه باعتباره مدخلا مهما لعودة الدولة بكل مؤسساتها "رئاسة وحكومة وبرلمان" إلى عدن، لتتفرغ لإدارة معركة التحرير وإسقاط انقلاب الحوثي، وإدارة الشأن العام، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وإنقاذ عدن مما تعانيه اليوم من فوضى وغياب كافة الخدمات الأساسية، وفشل ذريع في إدارة شؤونها.
كما أن الاتفاق يحقق هدف التحالف في بسط نفوذ الدولة على كافة التراب الوطني، وكما يعد الاتفاق مدخلا لتوسيع المشاركة، وتعزيز الشراكة السياسية لكل القوى الوطنية في إدارة المرحلة القادمة.

- رئيس الكتلة البرلمانية لحزب التجمع اليمني للإصلاح


في السبت 30 مايو 2020 03:20:52 ص

تجد هذا المقال في سهيل نت
https://suhail.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://suhail.net/articles.php?id=612