|
ما زلنا حتى اليوم نتابع العديد من الأفلام الوثائقية من أرشيف نضالات شعوب عدة منذ بدايات بروز الكاميرا ودخولها معترك الحياة.
أتوقف بخاصة عند الثورة الكوبية 1959م، بقيادة فيدل كاسترو ورفيقه تشي جيفارا، والتي أسقطت ديكتاتورية باتستا.
ثمة أفلام مصورة عديدة من تلك الثورة توثق لتحركات القادة والثوار، كانت الكاميرا رفيقتهم بالأبيض والأسود.
تصور يومياتهم وأبسط التفاصيل الموحية حتى هدأة القائد الأممي ببزته العسكرية ولحيته الشهيرة مسندا ظهره على صخرة وهو يطالع في كتاب.
كانت الصورة والأفلام سلاحا مهما في الثورة وعلى مستوى أسطرة النضال والمناضلين وصناعة الرموز، وتكريس حالة الإلهام الثورية في وعي الجماهير المقاومة والمناهضة للقهر وللاستعمار على مستوى العالم أجمع.
نحن بحاجة إلى الاهتمام بهذا الجانب.
ثمة بطولات وملاحم غير منظورة تغيب عن وعينا وبقدر ما تغيب يحضر التشوش في الرؤية والغبش في الموقف.
يقيننا أن التضحيات والبطولات أكبر من كل ما يقال وينقل والصورة تفوق التصور في هذا الاتجاه.
ومن المهم أن لا تظل المعركة محصورة وكما لو أنها مهمة العسكريين فقط والتعامل مع العمليات العسكرية كلها بسرية وتكتم لا يخدم قضيتنا الوطنية.
نريد أن نبقي الناس في قلب المعركة، يجب أن لا نسمح لأحد بالبقاء خارج الجرح، بعيدا عن المعركة، في موقع المتفرج أو المراقب السأم غير المكترث.
الوثائقيات المخدومة والمصنوعة بشكل احترافي، وبالصورة التي تتضمن الرسائل والأهداف المطلوبة من شأنها أن تعزز انخراط الجماهير في هذا الصراع، ومن شأنها أن تبقيهم في خضم الحرب وفي صدارة المشهد.
ومن شأنها تمجيد البطولة وصناعة الرمزيات الملهمة، ومن شأنها تكريس روح البطولة والفداء والشجاعة والإقدام.
ينقصنا هذا الأمر، وما نشاهده أحيانا هو نتاج اهتمام بعض المقاتلين أنفسهم أو نتاج حضور بعض شباب هواة شجعان من مراسلي القنوات أو المواقع الالكترونية المتعددة، من الملح أن يكون هذا الجانب ضمن أولويات إعلام الجيش الوطني.
وهو ما يستوجب إمكانات خاصة وعقليات تدرك خطورة وأهمية هذا الجانب مع كادر مدرب ومجهز من المصورين والمخرجين والمصممين والمنتجين القادرين على إنتاج وصناعة هكذا أفلام تلتقط التفاصيل الفارقة والجوهرية.
إن الصورة من أهم أسلحتنا في هذا الصراع المستعر، وقد تشكل أكبر الفوارق على مستوى الوعي والروح وموازين المواجهة عموما.
أكتب هذا من وحي هذا المشهد البطولي الذي يخطف الأنفاس لبطل مقاتل من فوارس وأسود جيشنا الوطني الباسل.
يتقدم بطلنا صوب متارس الحوثة ويلتقط الكلاشينكوف من يد أحد جرذانهم المذعورين داخل المترس في خضم مواجهة محتدمة وشرسة تدوي فيها الطلقات.
مشهد ينغرس في الذاكرة ويبقي حيا في الوجدان.
رؤوسنا وجباهنا عالية بكم أيها الأبطال.
إن شعبا رجاله أنتم لا يمكن أن يموت تحت نير الهوان.
في الثلاثاء 16 يونيو-حزيران 2020 10:53:01 م