|
تدفع بنا الأحداث الجسام التي يعيشها الوطن في هذه المرحلة، لتجاوز الوقوف أمام الكثير من المناسبات التي تمر بنا، مهما كانت أهميتها ورمزيتها، فما يحدق بالوطن من تحديات وأخطار تهدد كيانه المجتمعي، ووحدته، وسيادته، يجعل من الفرض بذل كل طاقة يمكن أن تتوفر في مواجهة تلك الأخطار والتحديات.
لا يمكن أن نسمي هذه الوقفات والقراءات البسيطة للإصلاح في ذكرى تأسيسه الثلاثين احتفاءً أو احتفالا، إذ لا احتفاء اليوم إلا باليمن، وباليمن فقط، وبمن يدفعون بأرواحهم ودمائهم رخيصة في سبيل الحرية والكرامة، وهم غالبية اليمنيين، شمالا وجنوبا، والإصلاح بقياداته وأعضائه ومناصريه، جزءٌ من هذا الجسم الكبير، المنتفض في وجه الطاغوت السلالي الذي تَوهّم قدرته ابتلاع الوطن بمن فيه، وما فيه.
لم تكن تلك الفترة التي أُعلن فيها عن ميلاد التجمع اليمني للإصلاح عام 1990 بالفترة المثالية للتعددية السياسية، كما يتبادر إلى أذهان البعض -ربما- بقدر ما هي فترة اختبار لكل الأحزاب والمكونات السياسية التي رأت النور حينها، أو قبلها، ولقدرتها على ممارسة العمل السياسي في فترة صعبة وحرجة، امتدت على مدى ثلاثة عقود من الزمن، وإلى يومنا هذا شهد فيها الوطن محطاتٍ صعبةً، وصدامات، وتشظّ مجتمعي وسياسي كبيرين، انتهت بانقلاب على الدولة، وجرف مؤسساتها، مصحوبة بأفعالٍ هستيريةٍ من تلك الجماعات، استهدفت اليمنيين جميعا، وكان للإصلاح بقياداته، وأعضائه، ومناصريه، النصيب الأكبر منها.
كان العنوان الأبرز لمواقف الإصلاح في القضايا الوطنية الكبرى على مدى ثلاثين عاماً هو الانحياز إلى الوطن على حساب مكاسبه السياسية والتنظيمية، وهي مواقف جعلته مباشرة في فوهة بندقية خصومه، وهدفا لسهام معارضيه، ووضعته في حالةٍ جدليةٍ لا يتعرض لها -عادةً- إلا الكبار، والمؤثرين الرئيسيين في الأحداث.
وإذ يحتل الإصلاح هذه المنزلة، وبما يشغل من حيّزٍ ومكانة كبيرة، ومؤثرة في هذه المرحلة التي لا يختلف عليها اثنان بين مؤيديه أو معارضيه، إلا أن ذلك كله ينبغي أن يدفعه للحرص على مزيد من الاهتمام بمراجعة مواقفه، وقراءتها والاستفادة منها سلباً وإيجاباً، والاستماع لناقديه ومعارضيه، قبل مؤيديه ومناصريه، مهما كانت حدة الطرح، أو تحامله، والعمل بمزيد من الشراكة الوطنية، وتمتينها مع بقية المكونات، والدفع بالكتلة الوطنية المقاومة للمشاريع المستهدفة للوطن وثوابته.
وهو سلوك قدم فيه الإصلاح -ولا يزال- نموذجاً ناجحاً مع حلفائه في المشترك، وفي ائتلافات سياسية على مدى الفترة السابقة، وهي تجارب نحن اليوم في أمس الحاجة إلى تطويرها وتوسيعها وتفعيلها.
في السبت 19 سبتمبر-أيلول 2020 10:30:14 ص