|
القرآن الكريم لم يدع لمعاقبة الذين يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أولا: عرض لنماذج في القرآن الكريم
1- "ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا"، وأن من العادات الجارية إيذاء الرسل جملة "كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون"، "أتواصوا به بل هم قوم طاغون"، "فتول عنهم فما أنت بملوم".
2- وكان اليهود حين يدخلون عليه يقولون السام عليك يا أبا القاسم، فيرد: وعليكم، "وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها وبئس المصير".
وسمعتهم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقالت وعليكم لعنة الله وغضبه، فقال صلى الله عليه وسلم إن الله يكره الفحش والتفحش، المؤمن ليس بلعان ولا طعان ولا بذيء، فأعطى درسا خالدا للأمة إلى قيام الساعة.
3- وجاء في القرآن الكريم "لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور".
4- وكان المنافقون يعيبون على النبي صلى الله عليه وسلم أنه يصغي للمتحدث "ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم".
تلك نماذج للتعامل مع الإساءات التي تصدر هنا أو هناك، الصبر والتقوى، الإسلام يهذب المسلمين، بأن لا تكون ردود أفعالهم ثأرية انتقامية، بل يعكسون أخلاق الإسلام وقيمه في الترفع والعلو المشروع على الجاهلين والأعداء.
5- الله تعالى تكفل بحماية رسوله صلى الله عليه وسلم، "إنا كفيناك المستهزئين"، "والله يعصمك من الناس"، "ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون"، "فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين"، وغيرها كثر.
ثانيا: الحلول بدلا عن معاقبة المسيئين
جاء في سورة آل عمران تنشئة أمينة على أعلى المستويات.
أ- تحذير الأمة كافة من اتخاذ بطانة من الأعداء، سواء كانوا من أهل الكتاب والمشركين أو من المنافقين، وتعني التحفظ وعدم الإدلاء بأي معلومات تفيد العدو وتضر بالأمة.
ب - بيان طبيعة العدو
1- "لا يالونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون"، يبذلون جهودا واسعة لإصابتكم بالخبل، فاعقلوا.
2- في حالة قوتكم "إذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم".
3- "إن تمسسكم حسنة تسؤهم"، مجرد مس يستاءون، "وإن تصبكم مصيبة يفرحوا بها"، وبعد معرفتكم ذلك واتخاذ الاحتياطات والتدابير، "وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا والله بما يعملون محيط"، والصبر يعني قوة وجلد لا يؤثر الأذى على المعنويات، والتقوى أن لا ننزل إلى مستواهم بل نترفع.
ثالثا: النتائج
1- إن قتل المستهزئين ليس جائزا، بل محظور وفعله عصيان جلي، وقتل أشخاص مسالمين أكثر منكرا كما يقع أن يؤخذ أشخاص بجريرة آخرين، ويترتب عليه مفاسد كثر، أشدها إظهار الإسلام، على غير حقيقته، بل مشوها، وذلك وحده صد عن سبيل الله، وأقلها تضييق الخناق على المسلمين في البلاد الغربية.
2- الأصل أن يوظف المسلمون حرية الاعتقاد والتعبير التي كان ينشدها النبي صلى الله عليه وسلم، فروي في سيرته أنه كان يقول لقريش خلوا بيني وبين الناس، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن.
3- إن ذلك لا يمنع من اتخاذ مواقف خاصة حين يكون المسلمون في حالة ضعف مثل تنبيه الذين يسيئون إلى خطأ ما يفعلون، ومثل المقاطعة، فإنها سلاح سلمي قوي جدا.
4- إدانة القتل والقتلة وبيان للمسلمين في أنحاء المعمورة أن القتل إساءة كبرى للإسلام وليس قربى.
5- أن الإسلام حث المسلمين على امتلاك القوة الرادعة للعدو وحمله على الجنوح إلى السلم، أي القوة بمفهومها الشامل، ومن ثم لا يستهين بهم أحد.
في السبت 07 نوفمبر-تشرين الثاني 2020 11:45:07 ص