|
التسريبات التي تتحدث عن توجه حوثي لحل التجمع اليمني للإصلاح واعتقال قيادته يحمل في طياته العديد من الدلالات..
فعلى الصعيد الذاتي للجماعة يشي التسريب بأن الجماعة تعيش حالة صراع خفي وليس أمامها وسيلة لكبح شرارة هذا الصراع وتأجيله أفضل- في نظرها- من شيطنة الإصلاح وتصويره عدوا يتهدد تمددها وبقاءها، فوحده الشعور بالخطر قادر على بقاء الجماعة كتلة متماسكة حتى حين.. وهذا نهج استراتيجي تعتمده الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني وغيرها من الأنظمة والكيانات..
وعلى الصعيد الذاتي الفكري للجماعة يكشف هذا التسريب تغلغل عقلية الهدم في جوهر تكوين الجماعة وهي جماعة ولدت في فوهة البندقية على تراتيل لحن جنائزي بالغ النشاز، وتمحورت حركتها حول لعبة الموت شعارا وممارسة، ومن ثم فهي تعتقد أنه لا يمكن لحالة التبندق السائلة التي تعيشها أن تأخذ شكلها السلطوي الصلب والمتجذر ما دام وهناك قوة سياسية وفكرية ذات حضور كبير و فاعل ومؤهل لأن يكون مع غيره من القوى السياسية حاملا للمشروع الوطني المعبر عن تطلعات الشعب وأشواقه..
وعلى الصعيد الموضوعي يؤشر التسريب أن الجماعة تعتزم الذهاب بعيدا في التهام الدولة والسلطة، وأول شرط لنجاحها في هذه المغامرة هو تفكيك القوى الوطنية، التي تعارض سياستها ونهجها، من خلال توجيه ضربة قوية للإصلاح حتى يكون عبرة لغيرة من الأحزاب والقوى السياسية.
ما تزال الجماعة تعتقد أن توجيه ضربة قاسية للإصلاح سيكون خطوة كفيلة باستحقاق الجماعة لرضا الأنظمة المعادية لحضور التيار الإسلامي المعتدل، وربما تكون مثل هذه الخطون مفتتحا لكسر الحصار الدبلوماسي المفروض على الجماعة، ورهان كهذا سيكون بالغ الكلفة على النسيج الوطني وغير مأمون العواقب..
فشواهد التاريخ ومنطق الحرية يقولان: “إذا أردتم أن ترفعوا علمكم الظافر على جبين البلاد بوسيلة القهر الصريح، فلن يستطيع محب صادق للوطن أن يخضع لقراركم.” طاغور..
وأخيرا يتوجب على منظري الجماعة أن يدركوا أن الهروب الأعمى إلى المجهول لن يحل أزمة الجماعة بل سيضاعف من خسائرها لحظة ارتطامها بصخرة الإرادة الشعبية العامرة بحب الوطن، والمدججة بالسلمية والعزم الوثاب. فكشط الخصوم وإشعال فتيل الحرب العمياء ليس مشهدا في رواية خيالية تتيح للبطل السوبر مان أن يقول بصلف وزهو قبيل إسدال الستار والإكتمال السردي:”لقد اقتحمت النار وعبرتها وما كان للحريق صار رمادا، وما بقي لا يموت.”
في الأحد 01 مارس - آذار 2015 07:16:43 م