رحيل يليق به
نبيل البكيري
نبيل البكيري

فتى مات بين الطعن والضرب ميتة.. تقوم مقام النصر إن فاته النصرُ
وما مات حتى مات مضرب سيفه.. من الطعن واعتلت عليه القنا السمرُ
هكذا لا يموت الأبطال إلا وقوفا، يا عبده نعمان الزريقي، تلك النهاية التي تليق ببطل مثلك، تشبهك تماما، نهاية بطولية كانت من نصيبك أنت، كبطل يعرف نهايته، هكذا ترحل الأبطال دائما وأبدا، سنة لا يحيد عنها بطل يعرف حتفه ومصره، كنفس تعاف العار حتى كأنه هو الكفر يوم الروع أو دونه الكفر.
رحلت يا عبده نعمان ولكن رحيل الاستشهاد هو لحظة الميلاد الحقيقة للأبطال الذين يولدون يوم موتهم ذكرى عظيمة على كل لسان تردده الأزمان، هذا الرحيل الذي يغبطك عليه العدو قبل الصديق، ذلك رحيل يليق بك أنت يا عبده نعمان أيها البطل، أيها الشهيد الحر.
استشهد في مقدمة الصفوف، مقتحما مواقع العدو ومنكلا بهم، وملحقا بهم هزيمة نكراء، كان يدرك هذا المآل، لكنه بتقديره هو المآل الذي يجب أن يمضي عليه سنة للأبطال من بعده، لتحرير الأرض من دنس غزاة الهمجية والتخلف والانحطاط السلالي والطائفي.
كنت بطلا جسورا من أول لحظة للحرب، لم تستسلم وتنام كما ينام الكثيرون على الضيم والقهر، بل بادرت بتفجير المقاومة الأولى مع لفيف من الأبطال من حولك منذ اللحظة الأولى بدأتم مقاومة شعبية بالحجرية رافدة للأبطال في الجيش الوطني مع رفيق دربك الشهيد القائد عدنان الحمادي.
أيها البطل الشهيد لست نكرة لأعرف بك، فلأنت أكبر من أن يُعرف بك أحد، فأفعالك وصولاتك وجولاتك الوطنية لا ينكرها أحد، ولا يستطيع إخفائها أحد، وزدت ختمتها بهذا الاستشهاد المجيد كخاتمة تليق بك وبمكانتك وحضورك العصي على الطمس والغمط والنسيان.
غصص بالحلق أيها الشهيد، بهول الفقد الذي تركته بيننا، ولكن نعرف يقينا ماذا يصنع الأبطال باستشهادهم، إنهم يروون الأرض بالكرامة والحرية والكفاح، ويحيون في الناس موت الضمير ويشعلون فيها جذوة الكرامة والبطولة والتضحية والفدى، ولذا لم يكن استشهادك إلا بداية للنصر القريب بإذن الله.
تخذلنا الكلمات يا عبده نعمان، وتعجز عن إفائك بعض ما كنت فيه من حضور ومكانة وبهاء ومهما قيل فيك فلن تفيك الكلمات عشر معشار مقامك ومقدارك فقد كنت أكبر من كل الأوصاف والكلمات.
نم يا عبده نعمان الزريقي قرير العين، نم يا شهيد، نم أيها البطل، فأنت في عليين، ورحلت محمودا في السماء والأرض، رحلت دفاعا عن وطنك وكرامتك ودينك ودولتك، رحلت دفاعا عن كل جميل في هذا البلاد المنكوبة بأحط عصابة عرفها اليمنيون عبر التاريخ.
فإلى جنان الخلد شهيدنا البطل، ولا نامت أعين الجبناء.
عليك سلام الله وقفا فإنني.. رأيت الكريم الحر ليس له عمر


في السبت 27 مارس - آذار 2021 06:34:34 م

تجد هذا المقال في سهيل نت
https://suhail.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://suhail.net/articles.php?id=740