|
كان قدرًا أن تعيد لنا هذه الأيام المباركة لحظات عظيمة، ويُعاد إلى أذهاننا تاريخ عشناه ومسُطِّر في صفحات بيضاء خالدة بعد أن كتبت عدن الأحرف الأولى في طريق كسر المد الحوثي على الخارطة اليمنية، فانحسر العدو، ولم يعد أبناء الوطن المخلصون إلا براية مرفوعة وأيادٍ عالية وتكبيرات نصر مسموعة.
شهد مثل هذا اليوم على أهم وأكبر انتصار حققه أبناء عدن بمعاونة الأشقاء في التحالف العربي بقيادة المملكة وكذا دور الأشقاء في الإمارات وبإسناد وإشراف مباشر من المؤسسة العسكرية الوطنية المخلصة، حين التحم الجميع دون افتراق أو اختلاف، فلم يكن لليمن الواحد إلا عدو واحد استطاع أن يهدَّ كيان الدولة، وأن يهدم إرثًا جمهوريًا أقامته ثورة الـ 26 من سبتمبر المجيدة، وأن ينقلب على كل الثوابت الوطنية، من خلال انقلاب بربري على أسس الدولة والجمهورية.
نجاح معركة عدن ضد الوجود الحوثي السلالي توفرت له عوامل فاعلة، وبعد التكوين الفجائي والمستعجل لمقاومة شعبية ضمت شبابًا عدنيًا غيورًا، وخبرات عسكرية مخضرمة أمثال الشهيد علي ناصر هادي وجعفر محمد سعد، والشهيد أحمد سيف المحرمي، استطاعت أن تُنّظَّم وتكون الممثل الأوحد لأهالي عدن في مواجهة المشروع الفارسي.
إلى جانب الدعم الوافر الذي قدمته الرئاسة لوجستيًا وعسكريًا ومعلوماتيًا، فكانت معركة عدن عربية بامتياز قادها باقتدار فخامة رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي، في سبيل استعادة الوطن المختطف، وبناء مشروع اليمن الجديد، هذا اليمن الذي يتساوى فيه اليمنيون جميعًا أمام التوزيع العادل في الثروات والحقوق والفرص، والرافض لفكرة استئثار جماعة بنصيب الأمة اليمنية جمعاء، أو تسليم مصير الوطن لغير أبنائه.
كما أنَّ وقوف التحالف العربي في صف المقاومة كان له ثقل ميداني وسياسي على المستويين الداخلي والخارجي، وسيدون التاريخ في أنصع صفحاته الوقفة العربية من جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، الذين سجلا موقفا عربيا عظيما بإعلان عاصفة الحزم، التي هدمت كل مشاريع الحوثي السلالية، ولا يمكن أن يتم تجاوز الإرادة الشعبية القاهرة التي آمنت منذ اليوم الأول بأن هذه المدينة القاطنة على فوهة، بركان حين تستشيط غضبًا فنيرانها تحرق الباغي.
نتذكر في لحظات الانتصار الشهداء الذين سطروا الانتصارات منذ بداية اقتلاع حكم السلالة، علي يد الأبطال الذين آمنوا بمشروع الدولة ووضعوا أرواحهم الزكية على الأكف للتخلص من الانقلاب واستعادة كرامة الجزيرة العربية من المد الفارسي، وما زالت قوافل التضحية والمقاومة مشتعلة، في الضالع ومأرب وفي ربوع الوطن، فداء للوطن وفداء للجمهورية وقيم الحياة الكريمة.
سيظل يوم انتصار عدن مذكورًا، وسيكون الملهم الأول لاستعادة الكبرياء الجمهورية، وإعادة الاعتبار للثورات الوطنية المجيدة سبتمبر، أكتوبر ونوفمبر، وتأكيدًا أن اليمن جمهورية مستقلة لا ترضى أن يحكمها عصابة نشأت على تقسيم المجتمعات وفق أفكار منحرفة، أو تحجير الانتصار وإقصاء الآخر.
وفي الختام، نعاهد شعبنا العربي الأصيل، سنواصل مسيرة التحرر ضد هذه العصابة الكهنوتية من الضالع إلى الحديدة والبيضاء وتعز والجوف ومأرب الصمود والتحدي إلى صنعاء وصعده وكل أرجاء الوطن.
حفظ الله بلادنا، ورحم الله شهداءنا الميامين، وفك أسرانا وعلى رأسهم الأبطال محمد الصبيحي وناصر منصور وفيصل رجب ومحمد قحطان، وكل من أخفتهم هذه العصابة الإجرامية.
والنصر كل النصر لأحرار اليمن في كل الجبهات.
في الإثنين 10 مايو 2021 12:49:40 ص