|
صار الحديث عن مشروع للحوثي يتوزع بين الرفض والقبول.
وجهة نظري أننا فقدنا إمكانية الاختيار الحر للأمرين، انتفت الحرية في القبول والرفض، وبالتالي يأخذ النقاش هذا المنحى التصالحي التبريري والذي يقفز قسرا من إشكالية اللامشروعية إلى المشروع.
نحن إزاء وضع ميليشاوي قهري لا يملك سوى السلاح وبواعث الثأر والانتقام وسلوك المقامر.
الفراغ الهائل الذي سهل للحالة الحوثية الظهور بهذا الصلف لا يكفي مبررا للقول بأن القوة المكتسحة حاملة مشروع بالضرورة، وأن مصدر قوتها يكمن في تغطية تلك الفراغات التي تركتها الدولة الرخوة والنخب المتآكلة.
أقف متحيراً إزاء المسارعة في محاولة تأطير هذا الواقع الميليشاوي الفظ ضمن الخيارات الوطنية القابلة للاعتراف.
نحن بهذا نؤسس لمرحلة جديدة من التيه والتخبط والرضوخ لخيارات إكراهية منحناها القبول السهل فقط لأنا عجزنا عن الرفض والمجابهة، هذا مأزق اليمن منذ زمن بعيد، لا أستطيع تجاوز صعوبة، بل استحالة تعريف الحوثية كحالة وطنية أو تيار سياسي أو مشروع تغيير وبناء.
أزمتنا العميقة تصدع جبهة الوعي والضمير.
فقدنا الأصوات الوطنية التي تمثل الوعي وتجسد اليقظة الجمعية، ثمة نزوح جماعي باتجاه التسليم، استعداد للموائمة لا المقاومة، قابلية لحني الجباه لا المجابهة، جاهزية للتشيؤ والانتقال إلى حيث ينتفي معنى الوجود.
كل ما اشتغلنا لأجله يتم تحطيمه ومطلوب منا أن نسهم في هذه الوليمة الآثمة.
نحن الذين ناضلنا طويلا من أجل الحرية والعدالة والمساواة، يطلب منا التواطؤ ضد أنفسنا ومصالحنا في الحرية والمواطنة، ويراد منا الإذعان لشرط قاهر والتورط في علاقة محرمة، والعيش ضمن محاولة يائسة لتبرير كل هذا المآل وتبعاته وآثاره الفادحة.
نحتاج لأن نكون مع أنفسنا وبلادنا بحق.
الحوثيون حالة شائهة، محاولات تجميلها قسرا ستجعلنا أسارى القبح والدمامة ربما لزمن مديد.
يفجعني السياسي والقائد الحزبي عندما يطلع الآن مناديا للسلم والشراكة تاركا للناس مهمة تدبر سد فجوات الوعي والضمير وردم الحفر داخلهم والتخلص من غضاريفهم كي يقفزوا بمرونة فائقة من النقيض إلى النقيض.
السلام والشراكة ضمن هذه المواضعات، صيغ مقصوفة مرهونة بالمزاج المدجج.
أنا لا أدعو للعنف أو استمرار الحرب، أنا أدعو للتوقف أمام هذه الورطة التي يريد منا سياسيون وباحثون الاصطفاف خلفها من أجل إنفاذها لإيصال بقايانا للجحيم.
اسأل إلى أي مدى توفر هذه الصيغة الإكراهية مجالا لصيغ أخرى تدافع عن السلام والشراكة بشروطهما الحقيقية الضامنة؟
في الثلاثاء 25 مايو 2021 08:00:57 م