"الأستاذ سالم"
خالد حيدان
خالد حيدان

الحبيب سالم مغلس.. ما كنت أعلم أني سوف أبكيك.

سلام عليك في قافلة السائرين.

سلام عليك في الصابرين المحتسبين.

سلام عليك في الثابتين الصادقين.

سلام عليك فيما قضاه الله لك وعليك، اصطفاء واختيارا، وخاتمة للعاملين.

ها أنا اليوم أخاطب روحك الطاهرة وقد فاضت إلى مولاها تسترجي الرحمة والعفو والغفران.

أكتب لروحك بقلم مكلوم وقلب حزين وعين هاطلة بالدمع لا يخفف ألمها إلا تذكر وجهك المشرق وابتسامتك الأخاذة ووقار محياك وأنت تمزح معي "يا حالد.. يا حالد".

مذ عرفتك وأنت رجل الإصلاح والصلاح، ورائد المساجد، وسابق إلى صفوف الصلاة، تاليا للقرآن، شاكرا حامدا، محبا للأخيار والصالحين.

عرفتك وأنا لا زلت يافعا، وجمعني بك المسجد وحلقات الدرس والذكر.

لم أنس صوتك الجميل وأنت تنشد أناشيد الحماسة والشباب قبل ميلاد الوحدة، وما زالت سطوة نظام ما قبل الوحدة قائما.

لن ينس جيلي الأنشودة التي ما عرفناها إلا بصوتك:

نحن الشباب لنا الغد..

وديننا المخلد

شعارنا على الزمن..

نشر العقيدة في الوطن

بعنا له يوم المحن..

أرواحنا بلا ثمن

يا وطني عداك ذم..

مثلك من يرعى الذمم

علمتنا كيف الشمم..

وكيف يظفر الألم

السفح والجداول..

والحقل والسنابل

وما بنى الأوائل..

نحن له معاقل

الدين في قلوبنا..

والنور في عيوننا

والحق في يميننا..

والعار في جبيننا

لنا العراق واليمن والقدس والبيت الحرام

نمشي على الموت الزؤام إلى الأمام إلى الأمام

نبني ولا نتكل.. نفنى ولا ننخذل

لنا يد والعمل.. لنا غد والأمل

نحن الشباب.. نحن الشباب

عرفت الإصلاح من بوابتك، وأدركت فكر الإصلاح من خلالك، كم فتحت بيتك للتجمعات والمناسبات والتهاني والتبريكات ولقاء الإخوان ولم الشمل؟

كنت أخا، بل أبا، بل قبيلة من لا قبيلة له، كنت بعد الله سند إخوانك وقلبهم النابض بالحب والإخاء.

آه آه وأنا أتذكر أياما خلت وسنين مضت عشناها معا وتذوقناها معا.

أتذكرك وأنت تحكي لي يوم أدخلوك سجن الفتح خلال حرب 94 وقد عصبوا عينيك، وسجانوك يتحدثون عن سعة المكان الذي كانوا يريدون وضعك فيه، هم يتحدثون عن زنزانة وأنت تظن أن حديثهم عن حفرة قبر سيضعوك بها.

يااااه كم واجهت الموت بقلب سليم مقبل نحو رب رحيم؟

رأيتك يوم رأيتك وأنت على فراش مرضك الأخير وأنت تملؤ الدنيا رضا وتفاؤلا.

ما أعظمك وأنت تعلمنا معنى حب لقاء الله والاستعداد له.

لن أعرج للحديث عن أدوارك العظيمة في نشاطك السياسي والنقابي والتربوي، فهي شاهدة عليك أمام الجميع.

أما يكفيك أبا محمد أنه ما من بيت في عدن إلا ويعرف "الأستاذ سالم" ويذكرك بخير، هذا رصيدك الذي سيرفعك، وهذا رصيدك الذي سيعلى شأنك عند ربك، حب الناس، والذكر الحسن، وما قدمته لمجتمعك محتسبا رضا الله أولا وآخرا.

حتى من عادوك وخاصموك، وظلموك، وأقالوك بسبب انتمائك لم تبادلهم إلا الحب والمسامحة.

فرحمك الله يا صاحب القلب الكبير والبسمة المشرقة.

رحمك الله في الصالحين.

رحمك الله في الشهداء.

رحمك الله وأنت في بطن أحب البقاع إلى الله مكة المكرمة التي تمنيت أن تموت فيها وقد استجاب الله أمنيتك.

وداعا لروحك الطاهرة حتى يطيب لنا اللقاء عند مليك مقتدر.


في الأربعاء 02 يونيو-حزيران 2021 07:55:02 م

تجد هذا المقال في سهيل نت
https://suhail.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://suhail.net/articles.php?id=766