|
ونحن نعيش ذكرى ثورة سبتمبر.. تأملوا:
كيف ينصف اليمنيون شهداء سبتمبر، ولا زالوا يجددون العهد بهم، كل عام، حبا وتقديرا ونضالا واستلهاما منهم للرجولة والفداء.
تأملوا في مكانة علي عبدالمغني، لدى عامة الناس، ومحبتهم للزبيري، وانجذابهم للسلال، وصلواتهم حول أرواح قحطان الشعبي، وراجح بن غالب لبوزة.
كيف ينظر شباب اليمن شمالا وجنوبا، لقائد حركة 55 أحمد الثلايا، ورفاقه الأبطال، ويصنعون من لقطة شموخه المهيب قبل الإعدام مجسما ومنارة تضيء الدروب؟
كيف يتذكرون أبطال 48، ويرون في القردعي، كل ما يقدسونه من إشراقات آلاف السنين من تاريخ أمتنا المجيدة، ومعه الحميقاني، وشهداء تلك البارقة الأولى، لا أحد ينسى عبدالوهاب نعمان، وراجح، والخادم بن غالب الوجيه، والمسمري، والمحلوي، وحميد الأحمر وأبيه، وكل فرسان ليالي مخاض الجمهورية.
لم ينس أحد أو يتنكر لدور الثائر الحر زيد الموشكي، ولا عبدالله الوزير، رغم أنهما من ذات الدائرة والسلالة التي أتت بالسيف، الذي خلع رقابهم، فمثلنا لا يتنكر أو يخون.
تأملوا جيدا كيف منحت أجيال اليمن الوفاء والحب للعراقي الشامخ جمال جميل، وتناقلت بيقين كلمته الخالدة وهو يواجه الإعدام: لقد حبلناها وستلد!
انظروا وفاء جيل اليمن المعاصر لشهداء مصر العروبة، وزعيمها ناصر، والامتنان من شباب اليوم لنخوة عربية كانت قبل عقود من ولادتهم.
هو الوفاء والشهامة ونبل القضايا التي تناضل لأجلها الشعوب.
وهؤلاء نحن، وهذه هي اليمن ولا فخر.
في المقابل:
أين هم، أو من هم أبطال معارك الإمامة الذين تساقطوا لأجلها عقود وقرون؟
لا أحد يعرف عن قتلاهم شيئا من عبيدهم أحدا طيلة 7 سنوات من معاركهم في مواجهة الجمهورية، رغم أنهم كانوا بالآلاف.
سقطوا في معارك السلالة كعبيد، وبعد مقتلهم يحيلونهم إلى مزبلة النسيان جزاء وفاقا.
لا أحد كهذه السلالة المريضة يهتم بالقبور ويبنيها ويستغلها ويسترزق بها ويبني القباب وينسج الخرافات القبيحة حولها.
لكن تأملوا في تاريخهم الممتد لمئات السنين.
هل رأيتم قبة أو مزارا لغير سلالي؟ هل تركوا أثرا أو تمجيدا لقبيلي أو زنبيل؟ أو حتى كتبوا اسمه على القبر؟
مهما اجتهد في خدمة السلالة وبالغ في العبودية، يظل القبيلي والرعوي والمزين والخادم -حسب تصنيفاتهم- أحقر من أن تبنى له قبة أو تكتب له سيرة، يكفيه فخرا أنهم قبلوه ليموت في خدمتهم وعبدا في محاريبهم.
منذ 2004، تساقط آلاف المخدوعين قتلى دفاعا عن مشروع الحوثي وأطماعه، أغلبهم أكلت جثثهم وذكراهم الكلاب.
تركوهم للكلاب والنسيان، وفي عام 2013، راحوا يبنون في قرى فقيرة وخارج التاريخ مزارا بملايين الدولارات لربهم النافق، الذي تحللت عظامه واحترقت قبل 9 سنوات، وحشدوا له كل السفلة.
خذوا مثلا معاصرا، أبرز عبيدهم المعاصرين صالح الصماد، بعد مقتله ضاقت عليه أرضهم فلم يجدوا لبقايا عظامه وثيابه مدفنا، إلا في مكان عام، أرادوا به استفزاز الشعب وتدنيس أحد أبرز رموز الجمهورية، وهم على ثقة أن التطهير سيزيل عفنهم من ذلك المكان يوما.
لو كان الحوثي شجاعا وصادقا: لماذا لا ينقل رفات الهالك أبيه أو أخيه الصريع، إلى مقام الجندي المجهول، أو حتى داخل فناء جامع الصالح الذي يغتصبونه؟
لن يخاطر بـ"الأطهار" إطلاقا، بل هو مجرد استخدام لبقايا عظام الصماد، لذات الغرض الذي استخدموا به الصماد، قبل مقتله.
هم "الأطهار"، والعبيد لا يستحقون شيئا.
لكن الجمهورية واحة الحرية، والعدل، والإنصاف، والوفاء، والمساواة.
وشتان بين الفريقين.
في الثلاثاء 21 سبتمبر-أيلول 2021 07:25:39 م