|
عرفت الأستاذ ضياء الحق الأهدل، منذ 15 عاما أو يزيد، عرفت من خلاله معنى الإنسان الحقيقي المسكون بكل قيم السمو الإنساني والمثابر لتحويل تلك القيم إلى سلوك وواقع على الأرض.
ضياء، الأستاذ والتربوي القدير والمربي الفاضل والقدوة الطيبة قولا وفعلا، لا يمكن أن تلتقيه لأول مرة إلا وتكتشف أنك لم تلتقيه الساعة وإنما تعرفه منذ زمن بعيد لحميميته وبساطته وتواضعه وحفاوته تجاهك من أول لقاء.
لا يتكلم كثيرا، صمته كلمات ونظراته المتدفقة تواضعا وحياء، مدرسة في التربية والآداب والتنشئة.
ضياء، المدني فكرا وسلوكا، لا يحمل السلاح ولا يحبذه، مسكون بالتربية والتعليم وتشجيع النشء على التعلم والتفوق، فتجده صديق للجميع، شبابا وشيوخا وصغارا وكبارا، أينما يممت وجهك في تعز الريف والمدينة واسمه حاضر أمامك الأستاذ ضياء، هذا الاسم الوقف عليه دون سواه في تعز، الأستاذ كمعلم وقفا على ضياء.
قريب من الناس والبسطاء في أفراحهم وأتراحهم وأحزانهم لا يغيب عنهم في كل مناسبتهم ربما لم يترك قرية في تعز إلا وزارها معزيا أو مواسيا أو مهنيا ومباركا.
هذا الحضور الذي حققه الأستاذ ضياء، بروحه وقلبه لم يكن له دافع سوى بساطة الرجل والتحامه بالناس ومعاناتهم وحاجاتهم ومشاكلهم ولا شيء آخر غير ذلك.
تجاوز ضياء، كل الحلقات الصغيرة والضيقة في نسج علاقاته وجعلها حلقة كبيرة وواسعة بحجم اليمن كله، اليمن التي تحضر معه وفيه في كل حديث أو لفتة منه أو عبارة.
اقتربت منه كثيرا بعد سقوط وصنعاء وانتقالي إلى تعز مدينة ضياء، فجلست معه طويلا، وكنت أراقب ماذا يصنع الرجل، بصمت وتفاني كبير، في التواصل مع الناس وجمع الصفوف كلها، والدفع نحو مقاومة الجائحة الحوثية، كان ضياء، قاسم مشترك بين كل الأحزاب والأفراد والمجاميع والتوجهات والأفكار في المدينة.
كان ضياء، البسيط ذي الفوطة والشميز النص، هو كلمة السر في كل تلك اللحظة الوطنية المجيدة والعظيمة.
عاش فقيرا زاهدا، وهو القادر أن يكون رقما كبيرا في المشهد، لكن زهده في كل شيء جعله يؤثر حب الناس وخدمتهم والقيام بها في قدر حدوده واستطاعته، رحمة الله عليك يا ضياء، أيها الإنسان قولا وفعلا، ولعن الله قاتلك.
في السبت 23 أكتوبر-تشرين الأول 2021 08:46:37 م