|
الانتحار كالإلحاد تماما، فكرتان عدميتان، لا تصدران عن لحظة تأمل وهدوء نفسي وعقلي، بقدر ما تصدران عن حالة إحباط واكتئاب قاتلتين، وتعبران عن لحظة انسداد أفق التفكير، وظمأ روحي وعقلي كبيرين.
أدرك جيدا، أن ثمة أسباب وظروف كثيرة معقدة ومتداخلة قد تدفع بالشخص إلى أن يصل إلى إحدى هاتين الحالتين، ولكن أدرك جيدا أن حالة الإلحاد قد تكون أقرب إلى حالة شك وبحث عن سؤال اليقين الغير مدرك عقليا، وإنما روحيا.
وقد يرجع الشخص عن هذه الحالة في أي لحظة تأمل هادئة وبحث صادق عن أسئلة تشغل صاحبها، لكنها بعكس حالة الانتحار فهي حالة عدمية بوهيمية لا يصل إليها شخص إلا فقد حتى قدرته على التفكير والتأمل، والسؤال والبحث عن إجابة.
أخطر مراحل الإصابة بهاتين الحالتين هي حالة المراهقة، هذه الحالة العمرية الحماسية التي يندفع فيها الشخص بكل قواه لتجريب والبحث والتساؤل، والدافع لإشباع الرغبات المختلفة، معرفيا وجسدا وروحيا، وأن أي اضطراب في هذه المرحلة تكون تداعياتها كارثية وخطيرة.
ولذا يتطلب منا كآباء وأصدقاء ومربين أن نعي جيدا خطورة كل هذه الأجواء والمراحل العمرية وأهمية استيعاب كل تحولاتها فيمن حولنا، بقليل من التساؤل والصدق والمسؤولية تجاه من نحن مسئولين عنهم أو في حكم القرب منهم.
أوضاعنا سيئة وبائسة على كل المستويات، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وتربويا، بفعل انهيار منظومة الدولة كلية في مجتمعاتنا، ولكن هذا لا يرفع عنا مسؤولية أن نتفقد الناس، وخاصة في هذا الفضاء المفتوح، الذي يتطلب منا مسؤولية أخلاقية مضاعفة للكلمة والقول والحديث بكل أمانة ومسؤولية أيضا.
في الأربعاء 09 فبراير-شباط 2022 07:54:13 م