الإصلاح.. قوة حقيقية للمشروع الوطني
فوزي الحقب
فوزي الحقب

لعل فكرة الكتابة عن حزب "الإصلاح" في ذكرى تأسيسه بما يتناسب مع حجم حضوره وأتساع أدواره، يتطلب الكثير من الدقة والإلمام في مختلف تاريخه وتجاربه وتصوراته، انطلاقاً من واقع الأدبيات والرؤى التي تحكمه في مختلف جوانب الحياة العامة، والتي عبّر عنها في مضمون عمله السياسي واتجاهاته العامة ضمن أطار قضايا عصره ووطنه وعلاقاته الراهنة.

وعندما نشير إلى بعض مواقفه الأصيلة للتدليل على أهدافه الكبرى، فإننا نستمد منها الشعور الجمعي الذي يكتسب أهمية بالغة عند منتسبيه ومناصريه، وحين نتمكن من إنصاف الجهود العظيمة التي لها اهتمام في الشأن العام وغدا تأثيرها واضحاً لصالح المشاريع الوطنية وضمان مصالحها، فإن سلامة الأحكام تعلو على كل الانتماءات.

ويصبح النقد مرتبطاً بالأدوار الهامة التي لها تمايز على ما عداها من الزيف والمصالح الضيقة، وعندما تترسخ في أذهاننا النضالات المشهودة التي لا تغيب عن صلتها بالمكتسبات والثوابت الوطنية فإن وعي المجتمع يصبح له قوة وفاعلية تقود حتماً إلى تلاحم وثيق ونهضة حقيقية، وتحدث عملية التحول الإيجابي في القضايا العامة والمساهمة الفاعلة.

فالوعي الحزبي الراقي هو الذي يتحرر من الأحقاد والضغائن ويلعب دوراً حيوياً في تعزيز التماسك الوطني، الذي يربط ولاءه على أساس المصير المشترك والانتماء الواحد.

وحول ما يتصل بجوهر الموضوع الذي أعبر عنه في هذا الاتجاه، فإن افتقاري لرؤية شاملة مسألة واردة، ويستحيل في هذا المنشور البسيط تقديم إحاطة متناسقة بأبعاد" الإصلاح" المختلفة، غير أن ما وسعني هنا هو فهمي المتاح الذي يستنطق في دلالته مسار أي حركة وطنية وفقاً للمبادئ والتحديات المختلفة ومحاكمتها في ضوء حصيلة الفعل والإدراك والنتائج.

لاشك أن لكل حزب وعمل سياسي أخطاءه، والمخاطبة هنا من منطلق اشتغالها بالقضايا الوطنية والتحامها مع حاجة الجماهير، علاوةً على ذلك تقييمنا لسلوكها تجاه مكاسب الوطن وثوابته وقيمه العليا.

ولا ننكر أن كثير من القوى التزمت الحياد تجاه قضايا مصيرية، بل وثمة أخرى تعاني في صفوفها حالة التشرذم والانقسام ولا تملك الحد الأدنى من إحساس المسؤولية تجاه الماضي والحاضر والمستقبل، وقوى ثانية مصطفة لتمرير مشاريع الغير وخدمة أجندات أخرى، وأخرى على النقيض تماماً من التوجهات الوطنية وأفكارها رجعية ارتدادية، بينما هناك من يتمسك بأدواره الوطنية ويتحمل عبء المرحلة ويكون عصياً على محاولات التطويع أو الاستلاب، رغم سهام الاستهداف التي توجه له من الداخل والخارج إلا أنه يفشل كل الدسائس والمؤامرات ويكون بديلاً كفاحياً بما يحفظ للمجتمع موقفه وتوازنه السياسي ومنطقه الرافض.

وهنا يصبح معيار فاعلية الإصلاح مطابق لركيزة العمل الوطني بما يتجاوز الهويات الخاصة والبنويات الهشة، حيث يعزز علاقته بالجماهير بالمواقف التي تفرض عليه الارتفاع إلى مستواها، ويلّقن المتطاولين دروس المواقف الوطنية دون أن يلتفت إلى طبيعية الخسائر التي قد يجنيها على مستواه كحزب وعزاؤه الوحيد أن نصاعة تأريخه المضيئة لم تخذل يوماً قيم الثورة والوحدة والجمهورية.

فالفعل المشاهد يدعوا إلى التأمل وخاصة في خطابه المتماسك وتوجهاته المبدأية وتعاطيه مع الأحداث الجارية، ولعلنا متفقون بدواعي الإنصاف بأن "الإصلاح" قوة حقيقية للمشروع الوطني ومجموعة فاعلة لمواجهة المشاريع الصغيرة، وهيكلته التنظيمية القائمة على مؤسسية تجعله الأقوى تأثيراً على مجمل الساحة إلى جانب حضور القوى الأخرى التي تتفق معه بإستراتيجية النضال.

هذه الحركة الوطنية المتمثلة بنشاط الإصلاح مستمرة بنهجها وأداءها القويم وتظل ضرورة ملحّة لاستدعائها في الاتجاه المصاحب للعمل الوطني، ومفيداً حضورها اللافت لتعزيز الأبعاد التي يجب أن ترسخ في أذهاننا ثابت القضية.

في هذا الشأن يضع "الإصلاح" أولوياته موضع التنفيذ وهو يروم بتطلع إلى الأهمية التي تستحق الدفاع عنها والتصدي لمحاولات إلغاءها، في جهد مضاعف نحسبه استثنائي، مع توفر الحاجة للإدراك المسبق الذي يثبت نجاحاته في كل جولة صراع ووعيه السياسي بضرورة الحفاظ على المكتسبات المعتبرة.

ولست في وراد تعدد مناقبه الكثيرة أو حصر تراكم مشواره الطويل بهذه الحصيلة المتواضعة، لكن موجبات المساندة تجاه التزاماته الوطنية تفرض علينا التحدث عن هذه التجربة الملهمة بعين التقدير والمحبة، وتأييدنا هنا من منطلق اللحظة التي لا زال يمثل فيها شوكة الميزان التي ترجح كفة الوطن على محاولات الاستلاب وسيظل موضع الرهان للحماية الكاملة.

 
في الثلاثاء 13 سبتمبر-أيلول 2022 09:16:51 م

تجد هذا المقال في سهيل نت
https://suhail.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://suhail.net/articles.php?id=960