آخر الاخبار

الرئيسية   سياحة وأثار

حـجة.. سلاسل جبلية وقلاع حصينة
حـجة.. سلاسل جبلية وقلاع حصينة

الإثنين 05 يناير-كانون الثاني 2015 الساعة 03 مساءً / سهيل نت - متابعات

 


تتكون محافظة حجة من قسمين: جبلي وسهلي؛ القسم الجبلي يتكون من عدة جبال هي «جبال حجة» .. وتطل غرباً على بني قيس ووادي مور وتهامة ، كما تشرف من الجنوب على جبال مسور وجبال الشغادرة ونجرة، ومن الشمال على جبل الظفير وجبال مبين، وإلى الشرق جبل قدم بن قادم وجبل كحلان عفار .
ويعد جبل حجة وحصن كوكبان وقدم ومبين والجاهلي و الظفير فروعاً من سلسلة جبال مسور بالجهة الشمالية منه، وأعلى تلك السلسلة سلسلة الشراقي الملاصقة لمسور.
سلسلة جبال مسور:
وتقع بالجنوب من مدينة حجة وترتبط بها جبال الشراقي ونجرة وعولي و الشغادرة، وهي سلسلة ممتدة من الشرق إلى الغرب تتخللها الأودية العامرة بالقرى ومزارع البن والفواكه والحبوب وجبل مسور من الجبال الأثرية، وقمته متسعة بها عدد من القرى والمزارع وأعلى قمة في السلسلة حصن “المنتاب” وبيت الفقيه، وهو غير بيت الفقية في تهامة، وجبل مسور أطلق عليه الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب جبلاً نخلياً ويرتفع عن مستوى سطح البحر بـ3000 متر تقريباً .
 سلسلة جبال الشرفين وحجور:
وتقع بالشمال الغربي من مدينة حجة، وهي سلسلة كبرى يحدها جنوباً وادي مور وشرس وشرقاً فرع وادي مور الشهير وبني جبديلة والأهنوم وشمالاً جبال وشحة وغرباً منطقة عبس وحجور، وتعد جبال حجور الغربية كعدنية فصائل من جبال الشرفين، وبين أحضان هذه السلسلة نشأت إمارة آل أبي الحفاظ حيث تذكر كتب التاريخ أن الحسن بن أبي الحفاظ كوّن إمارة له في بلاد حجور والشرفين، والراجح أنها كانت في القرن الخامس الهجري ، وكانت عاصمة تلك الإمارة مدينة “الجريب” بالفتح والضم آخرة ياء موحدة، يقول مؤرخ اليمن المعاصر محمد بن علي الأكوع في حاشية كتاب الهمداني صفة جزيرة العرب: الجريب مدينة عظيمة وسوق عظيمة ومقر الأمراء من “آل أبى الحفاظ بن عمرو بن شرحبيل الحجوري الهمداني” وقد أنجبت أدباء وشعراء ورؤساء كرماء ولعلها خربت في القرن السابع الهجري من جراء الفتن، كما قامت بها فتن بين مقولي قحطان الأخوين سليمان بن الحسن بن أبى الحفاظ وأخيه الخطاب في القرن السادس، وكانت مأساة دامية للقلوب، وتقع الجريب في بني جل أو في جبل قلحاح من مخالف الشرف المذكور، فهناك مأثرة عظيمة وعمارة كبيرة وجبل قلحاح يقع في عزلة بني جل في مديرية قفل شمر حالياً، ومازالت أطلال تلك المدينة المندثرة قائمة في قمة ذلك الجبل، وقد قال عنها لسان اليمن الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب: وسوقهم الأعظم الجريب يتسوقه يوم وعده ما يزيد على عشرة آلاف إنسان.
سلسلة جبال كحلان وبني موهب وعيدان والأشمور:
 وتقع شمال مدينة حجة يفصل بينهما جبل يزيد وظهر حاشد من جبال كحلان جبل عفار وقيدان، ويقع بالشمال الغربي من كحلان وبهما آثار قديمة حميرية ويقدر ارتفاعها عن سطح البحر بـ2500 - 3000 متر.
سلسلة جبال الأهنوم:
وتقع شمال شرق مدينة حجة وترتبط بها من الغرب والجنوب جبال بني جديل والجميمة، وتشمل جبال الأهنوم وشهارة الفيش وشهارة الأمير ويفصل بينهما جسر طبيعي يربطها ببعض، يقدر ارتفاعه بـ200 متر لمدينة شهارة، تتبع حالياً محافظة عمران وهو حصن منيع صعب المنال يقدر ارتفاعه عن سطح البحر3000 متر، ويعد من معاقل اليمن الشهيرة، وقد بني الجسر في أيام الإمام القاسم بن محمد الجد الأعلى لأسرة بيت حميد الدين التي حكمت اليمن في ما بعد 1918 - 1962م، وفي الأهنوم سجن الأهنوم الشهير الذي احتضن الشاعر اليمني الكبير محمد محمود الزبيري في الأربعينيات من القرن الماضي أثناء معارضته لحكم أسرة بيت حميد الدين بعد عودته من مصر .
سلسلة جبال وشحة:
وتقع شمال سلسلة جبال الشرفين، وتشمل جبل الموشح وجبل قارة وجبال مستبأ وكشر، وقد احتضن جبل قارة الإمام المخلوع محمد البدر حفيد الأمام أحمد يحيى حميد الدين، وظل فيه ردحاً من الزمن يقاوم الثورة التي اشتعلت شرارتها في صنعاء وسلبته ملكة أملا في استعادة عرش اليمن، وقد استمرت الحرب بين الثورة والبدر سبعاً من السنين انتهت بانتصار إرادة الشعب اليمني في التغيير .
أما القسم السهلي فيبدأ السهل من حدود اليمن مع السعودية ويتكون من:
ميدي:
وهي من المناطق التهامية تقع على ساحل البحر الأحمر وبها ميناء شهير تعمل الدولة في اليمن على تهيئته لاستقبال السفن الكبيرة وهو يستقبل حالياً السفن الشراعية، وكان يسمى قديماً ميناء الشرجة وميدي مدينة شهيرة.
عبس:
وتقع شرق البحر الأحمر وتبعد عنه بما يقدر بـ 50 كيلومتراً، وبها سلسلة من الهضاب بالشرق تتصل بهضاب حجور.
بني قيس:
وتقع غرب مدينة حجة وتبعد عنها بـ35 كيلومتراً ومركزها الطور حيث مسيل وادي لاعة، ويوجد في الوادي جسر خشبي يربط بين ضفتيه، ويبلغ طوله خمسين متراً، كان يستخدم للعبور أثناء سيلان الماء في الوادي في مواسم الأمطار، وهو قديم ومايزال مستخدماً حتى الآن.
الزراعة:
تشكل الزراعة أهم الأنشطة الاقتصادية في محافظة حجة، ويعمل بها غالبية السكان، وتأتي بعدها التجارة والصناعات الحرفية، وقد طغت شجرة القات على مساحة واسعة من الأراضي المزروعة لاسيما في المناطق الجبلية وأصبحت تدر دخلاً لا بأس به على زراعيها إلا أنها أفقدتهم مقومات البقاء والاكتفاء الذاتي من المزروعات الحيوية ذات الارتباط بحياة الإنسان وغذائه.
وفي السنوات الأخيرة 1990 - 2005 اتجه أصحاب رؤوس الأموال إلى الاستثمار في مجال الزراعة وشكلت منطقة الجر بمديرية عبس منطقة جذب لهذه الاستثمارات، لذا تميزت محافظة حجة بإنتاج فاكهة المانجو؛ نظراً لتركيز زراعتها في تلك المزارع الكبيرة والمستصلحة وفق مقاييس الري الحديثة.
وتقدر المساحة المزروعة في منقطة الجر بـ100كيلومتر مربع وتزرع فضلاً عن شجرة المانجو والمحاصيل التحميلية الذرة بأنواعها وقريباً سيتم إنتاج التمور وبكميات تسويقية.
الثقافة الشعبية:
العوامل الطبيعية في محافظة حجة كانت أكبر عامل تهيئة لبلورة ثقافية اجتماعية تستمد مقوماتها من المحيط وتنطلق إلى الخارج مؤثرة في الآخر، راسمة خصوصيتها وهويتها الحضارية والتاريخية، وقد حاول الإنسان القديم أن يترك لنا ثقافته وهويته على هيئة أشكال ورسومات ودوائر وربما دون شيئاً من تاريخه على الصخر، كل ذلك يعنى الشيء الكثير لذلك الإنسان؛ لأنه لا يخرج عن كونه تجربة شعورية لها دلالتها الرمزية وتعبر عن مستوى الحالة الثقافية التي وصل إليها.
 الحضارة القديمة كانت حضارة مادية انعدمت فيها وسائل التدوين وما كان متوافراً لها لا يعدو الصخر الذي أودعه الإنسان شيئاً من انطباعه وتاريخه ذلك الصخر اعتدت عليه العوامل الطبيعية وطمست معالمه واندثر ولم يستطع الإنسان سوى الحصول على الشيء اليسير من مخلفات الثقافة الإنسانية القديمة قد لا يعبر في أحيان كثيرة عن واقع الحال الثقافي والاجتماعي وهوية المجتمع الإنساني التاريخي ومع بزوغ فجر الإسلام وتطور الحياة الثقافية على يد علماء الإسلام الأجلاء وتطور التدوين باكتشاف مادة خاصة لصناعة الورق ازدهرت مدن التجمع الإنساني ثقافياً وحاولت نخبة من العلماء أن تحدث تطوراً ملحوظاً في التثاقف الإنساني الذي وصل أوج ازدهاره في العصر الحديث.
وقد عاشت اليمن كجزء من الدولة الإسلامية الكبرى هذه الأحداث الثقافية وكان لها أدوار محمودة وكانت منارة علمية وفقهية، حتى إن الأمام الشافعي أطلق مقولته المشهور: لابد من صنعاء وإن طال السفر.
وفي القرن الرابع الهجري تنفصم عرى الدولة الإسلامية وينفرد كل بما تحت يده ويبدأ عصر الدويلات الصغير ويبدأ عهد الصراعات على السلطة، ومهما يكن من أمر يبقى لتلك الدويلات مآثر حسنة ومحمودة، فقد كانت زبيد منارة علمية شامخة تركت من المآثر الشيء الكثير، ومع أن حجة لم تكن في يوم من الأيام عاصمة لأية دولة من تلك الدويلات الصغيرة غير أنها اكتسبت مكانتها الثقافية من هجرة قادت الفكر الزيدي إليها كسيد أحمد بن يحيى المرتضى 775 هـ 840هـ مؤلف كتاب الأزهر المرجع الفقهي للمذهب الزيدي في اليمن، ومع انتشار هجر العمل في المحافظة في كل من الظفير والمحابشة وشهارة والشاهل تخرج العلماء الأعلام الذين تركوا بصمات ثقافية شاهدة على دور هذه المحافظة في إثراء الثقافة الإسلامية في شتى المجالات الفكرية والأدبية والدينية.
وقد يؤخذ على أبناء المحافظة عدم قدرتهم على إبراز هذه النتاج الفكري الكبير، وقد دلت مخطوطة في محافظة حجة فقد استطاع مكتب الآثار في سنواته الأخيرة أن يوثقها بعد أن تسرب منها الكثير إلى الخارج عن طريق بعض المنافذ الحدودية، وكذلك تم توثيق 84 مكتبة عامة وخاصة تحويل نفائس الكتب والمخطوطات، ونعتقد أن ذلك يدل دلالة واضحة على الثراء الثقافي والفكري الذي ساهم بشكل أو بآخر في إثراء الفكر العربي والمكتبة العربية على فترات متفاوتة من مسيرة التاريخ الإسلامي وفي فترة الأربعينيات، وهي فترة تحولات ثقافية وعلمية وأدبية بدءاً من هجرة العالم الجليل عبدالوهاب الشماحي وانقطاعه إلى التدريس في ظفير حجة وانتهاء بقادة العمل التحريري الثوري الذين نزلوا سجون حجة نهاية الأربعينيات، واستطاعوا أن يجعلوا قناديل المعرفة تضيء جدران السجون؛ كوّنوا بثقافتهم مدرسة أطلق عليها الأستاذ البردوني مدرسة حجة الشعرية تميزت بخصوصية معينة أوضحها الأستاذ البردوني في كتابه «رحلة في الشعر اليمني قديمه وحديثه»، ذلك التراكم المعرفي صاغ وجدان المجموع على قدر معطيات الواقع السائد عند أنماط المجتمع المتعاقبة، وبرزت الثقافة الشعبية كإحدى نتائج الثقافة الرسمية في بعض أشكالها، إلا أنها تغايرت عنها في أشكال كثيرة في المعتقد والفكر والرؤيا الفلسفية للحياة ربما لتجذرها وتراكم التجربة التي تحولت إلى مقولات وأمثال وحكم وعادات وتقاليد وسلوك اجتماعي جمع في نفوس تعبدية.
مرجعية شعبية:
شكل الحكيم علي ولد زايد مع زميله حميد بن منصور مرجعية فكرية شعبية كان لها صداها عبر العصور المتعاقبة، ومع شيوع هذا الفكر وانتشاره وتداوله أصبح فصلاً في كثير من القضايا الاجتماعية والفكرية التي تعترض العوام في كثير من الأحياء، وقد طغى هذان العالمان الشعبيان على ولد زايد وحميد بن منصور على كثير من الأسماء والإضافات في الأزمنة التي تلت أزمنتهم، وربما على الأسماء الفكرية الشعبية التي سبقتهم، فلم يعرف سواهما، وكل قول ينسب إليهما حتى وإن كان لغيرهما، وقد ذابت شخصية حزام مرشد الشبشي الذي أحيا ذكراها الشاعر الكبير عبد الله البردوني ولولاه لكان ضمن من جرفهم طغيان علي ولد زايد الفكري، ولا أعتقد أن هذا الاسم أعني حزام مرشد متداول بكثرة مرجعية فكرية شعبية في اليمن، وما يمكن لنا قوله: إن الفكر الشعبي عامة امتطى اسم علي ولد زايد وصار عليه نافذاً إلى العصور المتعاقبة، وتلك الأسماء مجرد إطار لانعدام التوثيق والاقتصار على الذاكرة الشعبية فيما هو متداول دون الاهتمام بمعرفة القائل، ولا أعتقد أن كل ما وصل إلينا من نصوص علي بن زايد قد أبدعها هو بقدر اعتقادنا أن كل الأفكار كانت من إبداع كل الشعب الذي ذاب في شخصية علي بن زايد والحميد بن منصور في أحيان كثيرة على أن الفكر الشعبي المتداول والذي يشكل مرجعية فكرية شعبية كان من إفراز عدة عناصر من أهمها الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ومصدر خلودها كان لقدرة الخيال الشعبي على تأطيرها ضمن إطار موسيقى معين وبعبارات مقتضية لا تلتزم بما هو زائد فنياً، ولكنها تأخذ شكلاً من التحرر في صياغة الفكرة حتى تكون قادرة على التواصل مع الآخر بشكل مقنع، فبذلك ظل تأثيرها ساري المفعول حتى يومنا هذا وسيكتب لها الخلود؛ كون الأفكار العظيمة، ولعل الفكر اليوناني القديم الذي يلقي على واقعنا المعاش ويتداخل في كثير مما أبدعها العقل الإنساني في مراحل التاريخ المختلفة خير دليل على خلود الأفكار العظيمة، ولا أعتقد أن التركيبة الاجتماعية اليمنية التي نشأت على الاعتقاد بهذه الأفكار قادرة على التحرر منها في المستقبل؛ كون الواقع الاجتماعي الذي يقوم على فلسفة علي بن زايد صعباً عليه الخروج عنها لسبب بسيط هو أنه نشأ عليها وترعرع على تربيتها وراعى بقدر كبير المقومات الأرض وملابسات الحدث وولد زايد يعيش مع اليمنيين كل تفاصيل حياتهم اليومية، ذاكرين إياه في كل ملمة أو موقف، وذلك كائن مع كل طبقات المجتمع اليمني فالفكر الشعبي في سني تطوره ينطلق من قاعدة عقائدية متأصلة في وجدان مبدعيه أو الذين استطاعوا بلورته في قوالب فنية مقبولة لدى المتلقي مما يؤكد شيوع هذا النوع وانتفاء فكرة أن يكون هذا الفكر الذي امتطى اسم علي ولد زايد من مخلفات الحضارة اليمنية القديمة وفكرة أن يكون علي بن زايد مولوداً قبل ظهور الإسلام، ومهما يكون الحديث عن علي زايد زمانه ومكانه يظل هذا الأمر محوراً للجدل ومجالاً واسعاً للشك، إلا أننا نجنح إلى قول البردوني في أن علي ولد زايد كان كل الشعب، وربما كان لظهور الإسلام تأثير على كثير من الأفكار التي تتنافى مع المبادئ العامة التي رسمها في حياة الأمة أعنى الإسلام وثبوت الأفكار التي تتلاءم مع ثوابته وعقائده.
 يقول عبدالله البردوني: لعل أبدع ما خلق الإنسان والأفكار فقد ينسى البناء الجميل بالبناء الأجمل وقد تنسخ الحضارة حضارة أجدى، لكن الأفكار يمتد بعضها إلى بعض جديدها على مداميك قديمها حتى ولو تناقضت هذه الأفكار وتمتاز الأفكار الشعبية في سجل الأفكار بأنها أفكار حياة مباشرة، فإذا كانت الطبيعة تتكلم فإن الإنسان يترجم وأصدق ترجمة هي ترجمة الإنسان الفطري؛ لأنها تنتقل عن الطبيعة بأمانة وعن الحياة بعفوية الحياة، لقد ترك الإنسان في حجة سجلاً من الأفكار الخالدة كانت معيار سلوكه ونبراس هدايته في صحراء الحياة، فهناك الكثير من الأفكار الجميلة التي تختزل التجارب الإنسانية وتؤطر السلوك الإنساني مازالت تنبعث من بين جنبات المكان وتحمل بين حروفها عبق التاريخ وخلاصة التجارب.. إن إنسان حجة مايزال يهتدي “بالثريا” وبسهيل وبالنجم الأحمر وبروابع ومايزال قادراً على تحديد أماكنها بالسماء وأزمنتها الفلكية ومايزال علي بن زايد يطل من شرفة الذاكرة كي يقوم لعامة الناس في حجة بل وفي اليمن.
طلوع صلمين طلوع كأمة أما ريح يشل القمامة:
تلك هي المرتكزات التي تقوم عليها الفلسفة الشعبية في حجة وتكاد أن تكون في اليمن كلها وهي مرتكزات القبيلة منذ عصورها الأولى منذ أن بدأت تفلسف الرمال وتضرب الخيام.
المرأة:
المرأة في البعد الفكري الشعبي كانت تشكل نقطة الانطلاق ويحدد جمالها بعراقة نشبها وبحكمتها على إدارة شئون الأسرة وبقدرتها على التدبير يقول النص الشعبي .
ولا مرة من قبيلة
فيها الورع والقناعة
تجيعنا وقت علان
والشبع وقت المجاعة
فالمرأة محور الحياة على أكتافها يقوم اقتصاد الأسرة وغالباً ما تتحمل أعباء الأرض ومكايدة الزراعة، بالإضافة إلى قيامها شئون الأسرة.
ولعل ظروف المعاناة والمكابدة التي أحاطت بالمرأة قد خلقت منها مبدعة بشكل فريد؛ كون غالبية الألحان الشعبية ونصوصها هي من خلق وأبدع المرأة، والملاحظ في تلك النصوص عامل التكامل مع الآخر، وفي الألحان طابع الحزن ربما كان ذلك عائداً إلى الشعور بالقسوة والانكسار، وتتميز المرأة في حجة بل في واليمن بقدرتها على تحمل الأعباء والمكابدة وقيادة الأسرة إلى بر الأمان بما ورثته من ذكاء فطري وبما رسمته الطبيعة القاسية في نفسها من قوة وإصرار وإيمان وغالبية نوابغ اليمن الذين إذا تتبعت سيرهم الذاتية تجد أنهم فقدوا آباءهم صغاراً.
الجانب التنموي:
إشكالات كثيرة تواجه المحافظة وهناك جهود للتغلب عليها والعمل جار على تمتين البنية التحتية وإيجاد المشاريع التنموية في ريف المحافظة من اجل مواكبة العصر وتجاوز مخلفات الماضي.
تجربة الحكم المحلي تجربة رائدة يعول عليها الناس كثيراً في تجاوز العثرات التي اعترضت عملية التنمية في السنوات الماضية من عمر الثورة والإنسان وهي الثروة الحقيقية لمجتمعنا وتنميته وتأخذ حيزاً من تفكيرنا وبدونه تصبح التنمية لا معنى لها.
ويطل مبنى السلطة المحلية على ساحة كبيرة تسمى ميدان “حورة” وهو الميدان الذي شهد مصرع الكثير من رجال اليمن ومفكريها وأدبائها .
وعن القلاع والحصون هناك جهود مبذولة في ترميم القلاع والحصون وتحويل الأماكن ذات الخصوصية التاريخية إلى متاحف تحكي نمط الحياة السائد في الحقب التاريخية المختلفة وخصوصية الإنسان الذي عاش في الإطار الجغرافي لمحافظة حجة ومميزاته وثقافته.
الإنسان الأول:
أبناء حجة تشرئب أعناقهم إلى مواكبة العصر ويتطلعون إلى واقع ثقافي يحمل خصوصية مدرسة الشعرية التي تمثل ظاهرة أدبية في المشهد الثقافي اليمني والتي برزت في بداية الخمسينيات .
ثمة سؤال في حجة ترسمه تجاعيد الزمن وأحداث التاريخ التي شهدها المكان الذي يبحث عن نفسه في ذاكرة الحصون والقلاع المنيعة التي تحيط بالمدينة من جهاتها المختلفة مشكلة حزاماً أمنياً يحفظ سكينتها ودعتها شعراً، وأنت تتجول في جنبات المكان بشيء ما له من الغموض ما يدعو العقل إلى التفكر ومن الجمال ما يثير الدهشة والفضول .
فضاء لا متناه وجبال تحكي صمود الإنسان وبحر يصطرع ويعارك أمواج الحياة والناس كألوان الطيف يتمايزون ويتنوعون ويمثلون طبيعة الأرض وطبيعة التضاريس المتنوعة وطبيعة المناخ تصد في جبال حجة حتى تشعر أنك تكاد تقترب من النجوم وتهبط في سهوله حتى تشعر وكأنك ستصل إلى أغوار الأرض وترسل طرفك حتى كان العالم ينتهي عند أطراف الأفق.
المكان مايزال يحتفظ بكل تفاصيل الإنسان الأول الذي استطاع أن يطوع تلك الطبيعة القاسية ويجعلها تتلاءم مع متطلبات البقاء والمدرجات التي ترتسم في صدور المرتفعات كأنها الدر المنضود تنبعث منها رائحة التاريخ وتجسد إصرار الإنسان وتحكي هويته وتحتفظ ببعض من بصماته.
ودعنا حجة في أصيل أحد الأيام وكان علي بن زايد مطلاً من شرفة الماضي يقول لها:
حسبت مالي رجالي
وأن الرجال هم المال
وبينما كانت حصون حجة وقاهرتها تردد صدى على بن زايد كانت قافلتنا تجد السير والصوت يتلاشى من ورائنا حتى غابت عن أنظارنا وفي النفس ما فيها من لواعج الحنين وندى الأسواق.