آخر الاخبار

الرئيسية   حريات وحقوق

دعوة حقوقية إلى تشكيل لجنة أممية خاصة بجرائم الحوثي في تعز

الخميس 13 يوليو-تموز 2023 الساعة 03 مساءً / سهيل نت

دعت منظمة سام للحقوق والحريات، إلى الضغط على مليشيا الحوثي الإرهابية من أجل وقف حصارها غير القانوني واللاإنساني لمدينة تعز وإعلان وقف عملياتها القتالية دون أي اشتراطات.

وطالبت المنظمة، في بيان لها اليوم، بالتزامن مع مرور 3 آلاف يوم على حصار مليشيا الحوثي على تعز، بتشكيل لجنة أممية خاصة بملف تعز وإرسالها للوقوف على حجم الانتهاكات والتحقيق في التداعيات الخطيرة التي أسفر عنها عدوان وحصار الحوثي على مدينة تعز.

ودعت إلى السماح للجهات الدولية بإنشاء ممر غذائي وبشري آمن، من أجل نقل الجرحى والمصابين لتلقي علاجهم في المستشفيات المجاورة أو خارج البلاد، والسماح بإدخال المواد الغذائية والمستلزمات الطبية العاجلة لمدينة تعز.

وقالت المنظمة، إن الحصار الذي تفرضه مليشيا الحوثي على مدينة تعز منذ ١٣ يوليو ٢٠١٥، والذي دخل عامه الثامن، فرض قيود شديدة على تدفق السلع والخدمات وحرية التنقل، مما ساهم في خلق كارثة إنسانية في المحافظة، أثرت بصورة مباشرة على أهم الحقوق الأساسية التي كفلها القانون الدولي.

وذكرت "سام"، أن الأرقام والحوادث التي رصدها فريق المنظمة الدولية أظهر تأثر المدنيين بشكل مباشر جراء الحصار المفروض، لا سيما المرضى وكبار السن والأطفال والنساء، حيث حوّل الحصار مدينة تعز إلى سجن كبير لممارسة عقاب جماعي على كل من يعيش فيها، كما أثر على حرية التنقل بين القرى والمدن، واستهدف حق الحياة للمدنيين، سواء بالقنص أو الألغام أو القصف العشوائي.

ولفتت المنظمة إلى أن الحصار الذي تفرضه مليشيا الحوثي حوّل محافظة تعز إلى سجن كبير، وتقطعت أوصال المدينة، حيث تنتشر النقاط المسلحة على مداخل المدينة، بصورة أثّرت على حركة المدنيين من وإلى خارج المحافظة، كما أثرت تلك التعقيدات على عملية التنقل داخل المدينة وجعلتها أكثر كلفة وإرهاقًا، خاصة للمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة.

مشيرة إلى أن الحصار الحوثي أثر على أسعار البضائع والمواد الأساسية الضرورية للمدنيين، حيث إن الطريق الذي كان يستغرق ساعة من مدينة تعز إلى منطقة الحوبان الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي تحول إلى طريق يستغرق 8 ساعات مع تكلفة تُقدر بنحو اثني عشر ألف ريال يمني على الفرد.

وأشارت "سام" إلى أنه بحسب مسحها الميداني فإن تقديرات تكلفة التنقل في الطرق الالتوائية من وإلي المدينة أصبحت مرهقة وفوق قدرة المواطن، حيث يُقدر ما ينفقه المواطن التعزي قرابة 70 مليار ريال يمني من ماله الخاص، كما أنه يفقد ما يقارب 500 ألف ساعة يقضيها في طرق الْتفافية للوصول إلى غايته.

وأضافت أن "إغلاق جماعة الحوثي للطرق الرئيسية المؤدية إلى الشمال الشرقي باتجاه منطقة الحوبان، وكذلك الطرق المؤدية إلى الشمال والشمال الغربي والتي تربط مدينة تعز ببقية اليمن، جعل أبسط الطرق تستغرق أكثر من 6 ساعات، وكانت تستغرق حوالي 10 أو 15 دقيقة قبل الحصار عام 2015".

وأكدت منظمة سام، أن مليشيا الحوثي تحرم المواطنين في تعز من وصول البضائع واحتياجاتهم الأساسية وتفرض قيودًا مشددة على دخول وخروج البضائع، حيث تأثرت الحركة التجارية في تعز بسبب الحصار المفروض على المدينة، وتسببت في ارتفاع كبير للأسعار تجاوز قدرة المدنيين الشرائية.

وعن وضع القطاع الصحي، أشارت المنظمة إلى أن التقارير الطبية المحلية أظهرت وصول الأوضاع الصحية في محافظة تعز المنكوبة بالحرب وحصار الميليشيات الحوثية إلى درجة الانهيار، بالتوازي مع شح الإمكانات والأدوية ونقص الأطباء.

وأكدت منظمة سام، أنه رغم الإعلان عن التوصل إلى اتفاقية استكهولم في سبتمبر 2018 وإدراج قضية تعز كأحد البنود الأساسية فيه، حيث نص البند الثالث من الاتفاق على "إعلان تفاهمات حول تعز" إلا أن المحافظة نُسيت وتركت لمعاناتها الإنسانية المتفاقمة، مبينة أن غياب دور المجتمع الدولي في إدراج تعز ضمن أي اتفاقات للتهدئة إلى زيادة انتهاكات مليشيا الحوثي بحق الأفراد فيها.

وأضافت أنه في أبريل 2022 أعلن المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، عن هدنة نص فيها على "فورية دخول الهدنة حيز التنفيذ" ودعوة المبعوث الخاص الأطراف إلى اجتماع للاتفاق على فتح طرق في تعز وغيرها من المحافظات لتيسير حركة المدنيين، إلا أن الحال لم يتغير، حيث عقد وفدان يمثلان الحكومة الشرعية ومليشيا الحوثي مفاوضات مباشرة في العاصمة الأردنية تحت رعاية أممية من أجل تنفيذ بند رفع الحصار عن تعز، إلا أن الطرفين لم يتوصلا إلى نتيجة، حيث يحمل وفد الحكومة الشرعية مليشيا الحوثي مسؤولية فشل التوصل إلى تفاهمات حول رفع الحصار عن تعز.

وأكدت المنظمة، أن من أخطر تبعات الحصار على تعز إضراره بصورة كبيرة بالحق في الحياة الأسرية، حيث أدى إلى الفصل بين أفراد الأسرة الواحدة، الأمر الذي يعكس آثارّا سلبية على الأسرة باعتبارها خليّة أساسية في بناء المجتمع، وعلى الطفل، الطرف الضعيف في الأسرة، الذي يتوجب حمايته وعدم فصله عن أسرته، فقد تجزأت الأسر في تعز إلى قسمين بعضها يعيش داخل المناطق المحاصرة، والبعض الآخر في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، ومنذ سنوات الحصار حُرمت بعض الأسر من زيارة ورؤية بعضها. وهي ممارسة غير قانونية يجب أن ينظر لها بمنظور إنساني بحت.

لافتة إلى أنه ترتب على الحصار الخانق المفروض على تعز، حرمانها من مطارها الدولي الذي كان يمكن أن يشكل منفذا مهما لإنقاذ الكثير من الحالات الإنسانية التي تضطر إلى سلوك طرق التفافيّة طويلة ومرهقة للوصول إلى مطار عدن أو مشافي صنعاء، وكذلك حُرمت من مينائها في المخا والذي كان يمكن أن يساهم في تنشيط الحركة التجارية ووصول البضائع والمواد الأساسية والأدوية والمعدات الطبية، وهو أمر يجب أن يكون محل اهتمام، فالسلام منظومة متكاملة لا يجوز تجزئته بإهمال الجانب الإنساني منه.

وأكدت منظمة سام، أن مدينة تعز تكبدت الكثير خسائر اقتصادية مهولة، وهو ما أظهرته الأرقام المالية والاحصائية على مستوى الإيرادات أو الإنفاق الفردي على الصحة والتنقل، كما تحملت تعز العبء الأكبر من التكلفة البشرية لضحايا القصف العشوائي والقنص المتعمد والألغام الفردية التي زرعتها جماعة الحوثي، في ظل تجاهل ملحوظ من قبل الحكومة والمجتمع الدولي.

مشيرة إلى أن المواثيق الدولية أكدت على أن ممارسات الحصار الجماعي وجرائم القتل خارج القانون واستخدام القوة غير المبررة في الاعتداء على المدنيين تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفقًا لميثاق روما المشكل للمحكمة الجنائية الدولية، إضافة لمخالفته قواعد لاهاي واتفاقيات جنيف لاسيما الرابعة التي أقرت بالحماية الكاملة والخاصة للمدنيين أثناء النزاعات المسلحة.

وشددت منظمة سام، على أن القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية ذات الصلة تُلزم الأطراف ومليشيا الحوثي بشكل خاص، باحترام القواعد القانونية التي كفلت الحماية للمدنيين، لا سيما معايير الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، التي أكدت مجتمعة على حماية حقوق المدنيين وتجريم كل اعتداء أو سلوك أو ممارسة عقاب جماعي أو حصار من شأنها أن تستهدف أو أن تشكل خطرًا يمس المدنيين في أماكن تواجدهم وتجمعاتهم.